جاء إعلان الجيش الليبي عن بدء عملية عسكرية شاملة في الجنوب، لتطهيره من الإرهابيين والجماعات المسلحة الدخيلة، كتطور كبير طال انتظاره في هذه المنطقة الشاسعة، التي ستحقق استعادتها عددا من الأهداف العسكرية والاستراتيجية في اتجاه تحرير كافة الأراضي الليبية.
فالحدود التي تمتد على طول 4389 كيلومترا وتتقاسمها ليبيا من الجنوب مع السودان وتشاد والنيجر، أضحت هاجسا أمنيا ومعبرا مفتوحا للجماعات الإرهابية والعصابات الإجرامية، لتشكل عائقا أمام استعادة الأمن وتوجيه التنمية في مناطق الجنوب.
وفي بيان صدر الثلاثاء، أعلن المتحدث باسم الجيش الليبي العقيد أحمد المسماري انطلاق عملية عسكرية شاملة لتحرير مناطق الجنوب الغربي، محددا أهداف العملية بتأمين سكان المناطق من الإرهابيين من تنظيمي "داعش" والقاعدة والعصابات الإجرامية، والمحافظة على وحدة وسلامة التراب الليبي، وتأمين شركات النفط والكهرباء العاملة والمشاريع الزراعية بالمنطقة، وإيصال الخدمات الضرورية للمواطنين وإيقاف الهجرة غير الشرعية.
إنجاز كبير يمهد للخطوة الأخيرة
ويمثل الجنوب أهمية إستراتيجية كبيرة في المعركة التي يخوضها الجيش الليبي من أجل استعادة الأمن والاستقرار في كافة أنحاء البلاد، فعبر أطرافه المترامية تجد الجماعات الإرهابية مساحة كبيرة للتمركز والاختباء، وأيضا قواعد انطلاق لشن عملياتها ضد المدن الليبية.
ويسهم الجنوب الليبي بنحو نصف إنتاج ليبيا من النفط بمقدار نصف مليون برميل يوميا، بينما يشكل انتشار الجماعات المسلحة تحديا أمام التنمية الاقتصادية في هذه المناطق.
وفي اتصال مع "سكاي نيوز عربية"، قال المسماري إن نجاح الجيش الوطني في تحرير مناطق الجنوب سيمثل" إنجازا عسكريا هائلا"، موضحا أنه "لن يتبقى أمام الجيش بعد ذلك سوى الشريط الساحلي الشمالي الممتد من مصراتة إلى منطقة الزاوية بطول 270 كيلومترا، ولدينا تدابير يجري تحضيرها أيضا لهذه المنطقة".
جماعات إرهابية وإجرامية
ولفت المسماري إلى أن وحدات من الجيش كانت متواجدة في سبها، كبرى مدن الجنوب، لكنها لم تكن كافية، "لذا تأتي العملية العسكرية لتعزيز وجود الجيش والقضاء على الجماعات الإرهابية".
وسيعتمد الجيش على وحدات خاصة استفادت كثيرا من معركة تحرير درنة في يونيو الماضي، وأصبحت لديها خبرة في القيام بعمليات واسعة، بحسب المسماري.
وتستهدف العملية عناصر تنظيمي القاعدة و"داعش" الذين وجدوا ملاذا في صحراء الجنوب الليبي، بالإضافة إلى الجماعات الأجنبية المسلحة مثل الحركات المتمردة القادمة من تشاد وبعض العصابات الإجرامية العابرة للحدود من دول مجاورة.
وقال المسماري إن الجيش سيلاحق أيضا العناصر الإرهابية الهاربة من بنغازي ودرنة وسرت إلى الجنوب، الذين استفادوا من هشاشة الأمن والموانع الجغرافية الطبيعية.
وأوضح أن السيطرة على الحدود الجنوبية ستقطع طريق الإمدادت لكافة الجماعات الإرهابية والعصابات في هذه المنطقة.
وإلى جانب التنظيمين الإرهابيين، تستهدف العملية العسكرية الجماعات المتحالفة والمنبثقة عن "داعش" والقاعدة، ومنها أنصار الشريعة وكتائب بوسليم ومجلس شورى درنة وكتائب بنغازي.
كما ستركز العملية أيضا على جماعات التمرد التشادية التي أقامت لها قواعد عديدة في سبها وحولها، وفي المناطق الحدودية، واستفاد من وجودها المهربون والعصابات الإجرامية أيضا.
وتشمل هذه الجماعات الحركة من أجل الديمقراطية والعدالة في تشاد، وجبهة الوفاق من أجل التغيير في تشاد، والمجلس العسكري لإنقاذ الجمهورية، وتجمع القوى من أجل التغيير في تشاد.
وأوضح المسماري أن الجيش وضع خططا لحماية المدنيين في عملياته المقررة في الجنوب الليبي.
وأشار المتحدث باسم الجيش الليبي أن "معركة الجنوب تحتاج إلى تعاون مع دول الجوار لمنع تسلل الإرهابيين"، ودعا تشاد إلى إغلاق الحدود، ومنع خروج الإرهابيين من الجنوب الليبي، للمساهمة في نجاح خطة الجيش.