تظهر التصريحات الأميركية الحديثة المتعلقة بمصير قواتها المتواجدة في سوريا ترددا واضحا.. وكان آخرها تصريح "لا جدول زمني للانسحاب الأميركي من سوريا"، الذي جاء على لسان الرئيس دونالد ترامب.
وتأتي هذه التصريحات بعد خبر نشرته صحيفة نيويورك تايمز، الأسبوع الماضي، وأكدت فيه نقلا عن مصادر انسحاب القوات الأميركية في موعد أقصاه أربعة أشهر.
لكن سيّد البيت الأبيض لخص موقفه في الملف السوري، الذي يبدو بحسب مراقبين غير متبلور، فـ"الخروج من سوريا أمر محتوم، يجب أن يتم بذكاء، ودون تحديد مدة زمنية له".
هذا هو الموقف الحالي لترامب الذي أكد خلاله على ضرورة الدعم الأميركي للمسلحين الأكراد ومحاربة فلول داعش، دون أن يوضح إمكانية حدوث ذلك مع تمسكه بالانسحاب.
وهكذا بدا ترامب وكأنه يتراجع عن موقفه السابق، وربما يرجع ذلك إلى الانتقادات التي طالت القرار الأميركي بالانسحاب من سوريا، وفقا لمراقبين.
ففرنسا انتقدت الخطوة، وقالت إن الحليف يجب أن يكون محل ثقة، في إشارة إلى ضرورة دعم الأكراد. أما إسرائيل فقد اعتبرت أن الانسحاب الأميركي يعني إخلاء الساحة لإيران.
في حين وصف الأكراد، الحلفاء الأبرز لواشنطن في شمال شرق سوريا، الخطوة بمثابة "الطعنة في الظهر".
وبحسب مسؤولين أميركيين، تؤكد تصريحات ترامب صراحة الالتزام بضمان عدم اشتباك تركيا مع قوات وحدات حماية الشعب الكردية عقب انسحاب القوات الأميركية من سوريا.
ويبدو أن المسؤولين الأميركيين اقترحوا لحماية الأكراد السماح لهم بالاحتفاظ بالأسلحة التي قدمتها لهم واشنطن لضمان محاربة داعش.
إلا أن هذا المقترح قد يثير غضب أنقرة التي سيجري مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتن محادثات مع مسؤوليها هذا الأسبوع.
ويبرر ترامب موقفه هذا بقوله: "الولايات المتحدة خسرت سوريا منذ وقت طويل بعد أن سلمها أوباما منذ سنوات ورفض تجاوز الخط الأحمر آنذاك".
ويبدو أن سوريا لا تعني للرئيس الأميركي الكثير، فحديثه عنها جاء واضحا ومباشرا ، بقوله: "لا ثروات ضخمة للقتال في سوريا فهناك لا يوجد سوى الرمل والموت".
لكن خيار ترك الساحة السورية لروسيا وتركيا وإيران دون وجود عسكري قد يدفع بحسب خبراء نحو مواجهة بين هذه الاطراف الثلاثة التي جمعتهم مصالح مشتركة مؤقتا في سوريا.
وتعليقا على ذلك يقول مدير معهد المشرق للشؤون الاستراتيجية سامي نادر لـ"سكاي نيوز عربية" إن أسباب داخلية تتعلق بالانتخابات الأميركية المقبلة وراء قرار ترامب بالانسحاب من سوريا، "فهو يقول لقاعدته الانتخابية إنه يلتزم بوعوده ولن يكون شرطي المنطقة بلا مقابل".
لكن الرئيس الأميركي أصبح في مأزق بين مقتضيات السياسة الخارجية من جهة وتنفيذ وعوده من جهة أخرى، ولذلك لم يتراجع عن قرار الانسحاب، لكنه لم يحدد جدولا زمنيا، بحسب نادر.
ويضيف مدير معهد المشرق للشؤون الاستراتيجية إنه "رغم التناقضات التي آثارها قرار الانسحاب لكنه يسقط ورقة التوت بين تركيا وروسيا وإيران الذين تجمعوا تحت راية داعش، لكن بإعلان ترامب الانسحاب ظهرت الانقسامات بين الدول الثلاث بشأن الدخول إلى منبج في شمال سوريا، فالقوات الروسية تريد الدخول إلى المدينة بينما تعارض تركيا تلك الخطوة".
ومن شأن خروج الأميركيين من سوريا، أن يغري الأتراك بشن هجوم على الأكراد في مناطقهم، لكن مع التقارب الكردي مع دمشق حاليا، قد يؤدي الاشتباك التركي الكردي إلى غضب روسي قد يضعضع حلف إيران وتركيا وروسيا.