الجلد والصعق الكهربائي والحرق وغيرها الكثير، جميعها عمليات تعذيب وحشية مارستها ميليشيات الحوثي الإيرانية بحق المدنيين اليمنيين داخل السجون، والتي كشفها تقرير جديد لوكالة "أسوشييتد برس".
وأظهر التقرير روايات صادمة حول أساليب التعذيب التي أودت بحياة الكثير من المدنيين، منذ أن استولت الميليشيات الانقلابية على العاصمة صنعاء في أواخر عام 2014.
وتحدثت وكالة أسوشيتد برس مع 23 شخصا، قالوا إنهم نجوا أو شهدوا عمليات تعذيب داخل مراكز احتجاز تابعة للحوثيين، فضلا عن الحديث مع 8 من أقارب معتقلين، و5 محامين وناشطين حقوقيين، و3 مسؤولين أمنيين انخرطوا في عمليات تبادل سجناء بأوقات سابقة، وقالوا إنهم رأوا علامات تعذيب على أجساد السجناء.
وأوضح التحقيق، أن الكثير من المعتقلين عانوا من تعذيب شديد، إذ تم ضرب رؤوسهم بالهراوات، أو تعليقهم من رسغهم أو أعضائهم التناسلية لأسابيع، أو حرقهم بسائل أو مركب حمضي.
وقد وثقت رابطة "أمهات المختطفين"، وهي منظمة تضم قريبات معتقلين لدى الحوثيين، أكثر من 18 ألف حالة اعتقال في آخر 4 سنوات، بينهم ألف حالة تعذيب في شبكة من السجون السرية، بحسب ممثلة الرابطة بمدينة مأرب، صباح محمد.
وتقول الرابطة، إن ما لا يقل عن 126 معتقلا توفوا من التعذيب، منذ أن استولى الحوثيون على العاصمة صنعاء في أواخر 2014.
عمليات تعذيب بلسان من عاشوها
وكشف مسعف في مستشفى الرشيد بمدينة الحديدة الساحلية، يدعى "بعكر"، تفاصيل اعتقاله الوحشي، وتعرضه للتعذيب الهمجي في السجون الحوثية.
وأوضح أن رجلا كان قد وصل إلى غرفة الطوارئ في المستشفى وهو ينزف بشدة من جراء إصابته بطلقات نارية وتعرضه للتعذيب بسجن حوثي، وذلك قبل أن يتم رميه على جانب أحد الطرق السريعة.
وأظهرت علامات التعذيب أن الرجل تعرض للجلد على ظهره، والتعليق من رسغيه لأيام.
وقال بعكر، إنه قام بتطبيب المريض ورعايته لمدة 80 يوما، ثم وافق على التقاط صورة "سيلفي" مع المريض بعد تماثله للشفاء.
وبعد أسابيع من تلك الصورة، أمسك الحوثيون بالرجل مرة أخرى، وفتشوا هاتفه ووجدوا الصورة، وعلى إثر ذلك اقتحمت الميليشيات الموالية لإيران المستشفى، وعصبوا عيني بعكر ودفعوا به في شاحنة.
وأوضحت "أسوشييتد برس" أن المسلحين أخبروا بعكر بأنه "أصبح عدوا للحوثيين، بعد أن قدم مساعدة طبية لعدو لهم".
ومنذ اعتقاله في منتصف 2016، قضى بعكر 18 شهرا في السجن، تعرض خلالها للحرق والضرب، وقام الحوثيون بتعليقه في السقف من رسغيه.
وأضاف المسعف الشاب، أن المسلحين بعد اعتقاله "علقوه من السقف وجردوه من ملابسه وجلدوه عاريا، ثم نزعوا أظافره وأحرقوا شعره، قبل أن يفقد الوعي".
كما قاموا بحرق زجاجات بلاستيكية، وصب البلاستيك المحترق فوق رأسه، وعلى ظهره وبين فخذيه.
وفي نهاية المطاف، نُقل بعكر إلى قلعة في الحديدة، من الحقبة العثمانية عمرها 500 عام.
وبقبو قذر يعرف بـ"غرفة الضغط"، علق الانقلابيون بعكر من رسغيه لمدة 50 يوم، حتى ظنوا أنه مات، وعندما أنزلوه واكتشفوا بأنه حي، سمحوا لاثنين من السجناء الآخرين بإطعامه وتنظيفه.
وما أن بدأ في التعافي من إصاباته، طلب منه معتقلون آخرون تعرضوا للتعذيب مساعدته، فحاول مداواتهم من جروحهم بإجراء بعض الجراحات البسيطة بدون تخدير، وباستخدام أسلاك كهربائية، وهي الأداة الوحيدة التي كانت بحوزته.
وقد تم إطلاق سراح بعكر في ديسمبر 2017، بعد أن دفعت أسرته ما يعادل 8 آلاف دولار.
الحوثيون.. نفي واعتراف وتجاهل
من جانبهم، كان زعماء حوثيون قد نفوا انخراطهم في عمليات تعذيب، بالرغم من أنهم لم يردوا على طلبات متكررة من وكالة أسوشيتد برس للتعليق في الأسابيع الأخيرة.
لكن داخل حركة التمرد الحوثية، أقر فصيل بوقوع انتهاكات وطالب بوضع حد لها، وشكل يحيى الحوثي، شقيق زعيم المتمردين، لجنة في عام 2016 للتحقيق بتقارير التعذيب.
وبعثت اللجنة تقريرا مصورا إلى زعيم الانقلابيين عبد الملك الحوثي، يظهر مشاهد لسجون مكتظة، إلى جانب شهادة من مسؤولين حوثيين بارزين للجنة قالوا فيها إنهم شاهدوا علامات تعذيب.
وبالرغم من وجود دليل مصور لعمليات التعذيب، فلم تكن هناك أية استجابة من زعيم الميليشيات الموالية لإيران.