يحصل مئات الآلاف من العاملين القادمين من أفقر دول العالم على أجر زهيد ليحققوا حلم قطر، الإمارة الغنية، بتنظيم كأس العالم عام 2022، بينما يعيشون كابوسا حقيقيا.
فبحسب تحقيق لصحيفة الغارديان البريطانية، لا يزال العمال الذين يشتغلون في إنشاء ملاعب كأس العالم بقطر، يعانون من الاستغلال، حيث لا تتعدى رواتبهم 200 دولار في الشهر.
وقال أحد العمال، وقد جاء من غانا، إنه تعرض للاحتيال، فقد وعده وكيل تلقى أموالا منه من أجل إلحاقه بالعمل أنه سيحصل على راتب كبير، "لكن عندما جئنا إلى هنا، وجدنا عكس ذلك".
وملعب الريان هو أحد سبعة ملاعب ضخمة يجري بناؤها حول الدوحة، بالإضافة إلى تعديل استاد خليفة الدولي الذي جرى الانتهاء منه العام الماضي.
وتتراوح التكلفة الإجمالية لأعمال الإنشاءات تلك ما بين 8 مليارات و10 مليارات دولار، بحسب تقديرات رسمية.
ولبناء أحد الملاعب الضخمة المصممة من أجل إبهار العالم في عام 2022، يقضي العمال 8 ساعات يوميا وستة أيام في الأسبوع في عمل شاق لقاء الحصول على حوالي 175 إلى 200 دولار في الشهر.
ويعني ذلك أن العامل يحصل على 39 دولارا في الأسبوع، وأقل من 6 دولارت في اليوم.
ومثل جميع العاملين من هذه الفئة في قطر، فإن الأموال التي يرسلونها إلى الوطن ليست تلك التي تزيد عن حاجتهم، بل يرسلون دخلهم الأساسي لإعالة أسرهم.
ويغترب مئات الآلاف من العمال القادمين من الدول الآسيوية وإفريقيا للعمل في المشروعات القطرية الخاصة بكأس العالم، ولا يستطيعون رؤية عائلاتهم لفترة طويلة.
وقال أحد العمال للصحيفة: "من الصعب الابتعاد عن العائلة لفترة طويلة.. ففي بعض الأحيان تحتاجك العائلة لتكون معها، ومع ذلك، قد لا يكون لديك المال لإرساله".
وأضاف العامل الذي لم تذكر الصحيفة اسمه: "كان من المفترض أن نكسب شيئًا كبيرًا - لكن ما نحصل عليه قليل".
"هل تقتل نفسك؟"
أحد العمال الذين تحدثوا للصحيفة ولديه ولدين عمرهما 10 أعوام وعامين، قال: "عائلتي في غانا كبيرة، وعندما يحتاج أي شخص للمساعدة فإنهم يأتون إلينا.. يعلمون أننا سافرنا إلى قطر ويطلبون أموالا، لكننا لا نملك المال".
وتابع:" ليس لدي ما يكفي لإطعام أسرتي.. المال هنا ليس كما كنا نتوقعه.. نحن نفكر في ذلك طوال الوقت".
ولا يعتقد العمال أن رفع شكوى سيغير من وضعهم، حيث قال أحدهم: " لا نجد مساعدة من أي جهة، يجب علينا دعم أنفسنا وتشجيع بعضنا البعض كل يوم. وإلا ماذا ستفعل: هل تقتل نفسك؟"
وبدا أن ما يعانيه العمال من أوضاع سيئة لا يراه المسؤولون كذلك، فقد نقلت الصحيفة عن أحد الشخصيات المسؤولة البارزة قولها إن ما يحصل عليه العمال أكثر بكثير مما يكسبه الناس في بلدانهم الأصلية.
ونقلت الصحيفة عن أحد الخبراء في الدوحة قوله إنه لدى محاولة فهم معاناة العديد من العمال المهاجرين، يجب أيضا تذكر الصعوبات التي هربوا منها في أوطانهم.
وأضاف الرجل الذي لم تذكر الصحيفة اسمه: "في بلادهم، يعيش العديد من هؤلاء الناس في ظروف معيشية فقيرة بشكل لا يصدق.. فلا توجد وظائف ولا بنية أساسية ولا طرق أو مياه صالحة للشرب في بعض المناطق".
وقال إن العمال يعتبرون مجرد قدرتهم على إرسال أموال إلى بلادهم "تقدما هائلا".
دون طعام
لكن للعمال رأي آخر، فقد تحدثوا عن الوعود بالمرتبات التي تحولت إلى سراب بسبب احتيال وكلاء السفر الذين يعملون من الباطن لصالح الجهات القائمة على مشروعات كأس العالم.
وقال رجل من بنغلادش:" قالوا لي أن قطر بلد غني جدا، ويمكنني أن أكسب أموالا جيدة.. لكن عندما تأتي للعمل هنا، لا تدفع الشركة لك".
وذكر العمال أن بعضهم عثروا على أعمال جزئية في مشاريع البناء عبر متعاقدين من الباطن، لم يدفعوا لهم أجورهم.
أحد العمال الذي كان ضمن حشد تجمع حول مراسل الصحيفة خارج أحد المعسكرات العمالية في الدوحة، قال إن لديه طفلة بالغة من العمر 10 سنوات، وهو يعاني بسبب عدم مقدرته إرسال أموال إلى وطنه بينما لم يملك حتى الرسوم اللازمة للإبقاء على ابنته في المدرسة.
وقال إن زوجته انتقدته بسبب ذهابه إلى قطر، لأن سائقي الريكشا (التوك التوك) يكسبون مالا أفضل لإعالة أسرهم.
شاب آخر اشتكى من عدم تمكنه من تناول طعام ملائم، قائلا "لا يوجد أرز ولا خضروات ولا دجاج".
وعندما سأله مراسل الصحيفة عن الوقت الذي قضاه دون الحصول على طعام مناسب، قال متحسرا: "ثمانية أشهر".