على وقع الارتياح الناجم عن انتخاب سياسي كردي يحظى بالاحترام رئيسا جديدا للعراق وتعيينه لشخصية توافقت عليها الآراء لرئاسة الوزراء، طالب الزعيم الديني، مقتدى الصدر، بتشكيل حكومة "بدون محاصصة طائفية".
فالرئيس برهم صالح، الذي انتخبه البرلمان، يحظى باحترام داخليا وخارجيا، فهو "يمتلك شخصية قوية ويحظى باحترام الغرب والدول الإقليمية.."، وفق النائب البارز من حزب الاتحاد الوطني الكردستاني ريبوار طه.
كما ينزع اختيار صالح لعادل عبد المهدي لرئاسة الوزراء الفتيل، بعد توتر استمر شهورا بين الكتلتين الشيعيتين الرئيسيتين في العراق، اللتين فازتا بأكبر عدد من المقاعد.
وفي هذا السياق قال الصدر، في تغريدة على حسابه في تويتر: "بدأنا بخطوات الإصلاح وها نحن نتممها بقدر المستطاع.. وشكرا للمرجعية العليا وشكرا لكل من آزرنا ووثق بنا..".
وأضاف: "قد تمكنا من جعل (رئيس الوزراء) مستقلا بل ومستقيلا من الفساد الحكومي السابق وأوعزنا له بتشكيل كابينته الوزارية بدون ضغوط حزبية أو محاصصة طائفية أو عرقية..".
وتابع: "لذا فإننا أوعزنا بعدم ترشيح أي وزير لأي وزارة من جهتنا مهما كان، واتفقنا على إعطائه مهلة عام لإثبات نجاحاته.. ليسير بخطى حثيثة وجادة نحو بناء العراق وفق أسس صحيحة".
وتمثل رئاسة عبد المهدي للوزراء نهاية حكم حزب الدعوة الذي استمر سنوات، هيمن خلالها على الحياة السياسية في العراق منذ الإطاحة بنظام صدام حسين في الاجتياح الذي قادته الولايات المتحدة للبلاد عام 2003.
وقال نواب إن هذا بالتحديد هو ما جعل عبد المهدي اختيارا مغريا، لاسيما للصدر الذي يعارض حزب الدعوة.
ويقود الصدر ورئيس الوزراء السابق حيدر العبادي إحدى الكتلتين، بينما يقود الأخرى قائد الفصائل الشيعية المدعومة من إيران هادي العامري ورئيس الوزراء السابق نوري المالكي.
والعامري والمالكي هما حليفا إيران الرئيسيان في العراق. وكان العبادي يعتبر المرشح المفضل لدى الولايات المتحدة بينما يصور الصدر نفسه كسياسي قومي يرفض النفوذين الأميركي والإيراني.
تعيينات بعد احتجاجات
أصبح للعراق الآن قياداته العليا الثلاث متمثلة في الرئيس ورئيس الوزراء ورئيس البرلمان، واقترب من تشكيل حكومة جديدة بعد شهور من الانتخابات البرلمانية غير الحاسمة التي شهدت إقبالا منخفضا بشدة على التصويت وادعاءات واسعة الانتشار بالتلاعب في الأصوات.
وجاءت التعيينات الأخيرة بعد أسابيع من الاحتجاجات التي شهدتها البصرة الغنية بالنفط، التي تمثل قلب منطقة الانتشار الشيعي في جنوب العراق، الأمر الذي هدد بزعزعة استقرار البلاد.
وقد أقنع عجز الحكومة عن احتواء هذه الاحتجاجات وتوفير الخدمات الأساسية التي كان السكان يطالبون بها، الصدر بالتخلي عن حليفه العبادي رئيس الوزراء.
وقال مصدر وثيق الصلة بالصدر: "بعد الاضطرابات في البصرة، سيد مقتدى كان على قناعة بأن رئيس الوزراء الذي فشل في توفير الماء النظيف لشعبه سيفشل مطلقا في توفير الاستقرار لبلده".
وأضاف: "هذا كان كافيا لسيد مقتدى لكي يجلس مع العامري ويقبل بمرشح التسوية، عبد المهدي".
ويمثل انتخاب صالح رئيسا أول مرة تصعد فيها شخصية لأعلى المناصب في العراق دون اتفاق عبر مداولات مسبقة، وهذه نتيجة ربما تشير إلى أن النواب يقدمون الاحتياجات الملحة للبلاد على المكاسب السياسية.
ومنذ سقوط صدام تقاسمت الطوائف الثلاث الرئيسية في البلاد عرقيا ودينيا السلطة، فكان منصب رئيس الوزراء، الذي يعد أهم المناصب، من نصيب عربي شيعي، ومنصب رئيس البرلمان من نصيب عربي سني، بينما كانت رئاسة الدولة من نصيب شخصية كردية، وذلك رغم أن هذه الصيغة لم تضمن الاستقرار.