رسمت صحيفة "غارديان" البريطانية، صورة قاتمة عن الوضع في العراق بعدما أضحت محافظات ومدن من البلاد تعيش وضعا صعبا يفتقر فيه السكان إلى أبسط الخدمات بالرغم من الثروات النفطية الهائلة.
وزار معدو التقرير المعنون بـ"العراق يحتضر..النفط يتدفق بحرية لكن الفساد يؤجج الغضب الاجتماعي"، (زاروا) عشيرة بني منصور في محافظة البصرة التي تكابد وضعا كارثيا بعدما صارت أرضها تطفح بقشور الملح وبعض من جذوع النخل، بدون أي تنمية تلبي انتظارات الأهالي.
ومن المفارقات الصارخة أن هذه المنطقة الغارقة في التهميش تقع على مرمى حجر من حقل "قرنة" النفطي الذي تملكه الحكومة العراقية وتديره شركة "إيكسون موبيل"، لكن هذه الحظوة الجغرافية لا تنعكس على المنطقة المهمشة.
وانحدر الوضع إلى "الحضيض" فيما كان أهالي جنوب العراق يراهنون على الحقل النفطي ليحول المنطقة إلى واحة اقتصادية يرفل أهلها في النعيم، لكن هذه الآمال لم تتحقق بل إن السكان خرجوا في الشهر الماضي ليحتجوا على غياب أشياء بسيطة مثل الطاقة الكهربائية ونقص الماء وارتفاع معدل البطالة إلى مستويات مقلقة.
وتقول "غارديان" إن أموال الصناعة النفطية التي تقدر بمليارات الدولارات ذهبت إلى جيوب سياسيين فاسدين عوض أن تسلك طريقها إلى تنمية تعود بالنفع على الناس الذين أعربوا عن غضبهم فانتقلت الشرارة إلى عدد من المحافظات الأخرى قبل أن تتعهد حكومة بغداد بمعالجة الوضع.
ولأن "المصائب تأتي" تباعا، تفاقمت أزمة البيئة في البصرة من جراء ارتفاع ملوحة شط العرب بينما علقت النفايات في الأقنية المائية للمنطقة وهو ما أثر بصورة كبيرة على الماشية التي اضطر مالكوها إلى بيعها تفاديا للأسوأ.
وتقول "غارديان" إن الحكومتين المحلية والمركزية التي تسيطر عليها شخصيات فاسدة من أحزاب "دينية" تتحملان المسؤولية عن تفاقم الأزمة البيئية في العراق.
وفيما يفترض أن تقوم شركة استخراج النفط بانتشال أبناء المنطقة من البطالة، تلجأ إلى إدماج أبناء أعيان القبائل وشيوخها، أما الأموال التي تخصص للأهالي فتتبخر في الفساد قبل أن تصل إلى وجهتها.
في غضون ذلك، توجد، بحسب الصحيفة، ميليشيات مسلحة على صلة بقوى سياسية، لتستفيد من الفرصة السانحة في القطاع النفطي عبر عرض خدمات أمنية تقدمها شركات تابعة لها، وهكذا لا يتبقى لأهل الأرض سوى الضجيج الذي تحدثه عربات قطاع النفط وهي تعبر الطريق في المنطقة.
وتكتب "غارديان" أن مأزق يكمن في عدم إيجاد البديل، فالأحزاب السياسية في البلاد حريصة على مصالحها وتدعم أذرعا من الميليشيات حتى تحافظ على منافعها، أما الجيش فلا قائد له، وبالتالي ليس ثمة أمل في إعلان حالة طوارئ لتكون مدخلا إلى التنمية وإحداث تغيير جذري يحلم به العراقيون بعدما فقدوا الأمل في النخب الحالية.