رشا الحسن ورفيف الياسري، خبيرتا تجميل في العراق، حقق مركزاهما للتجميل نجاحا واسعا في العاصمة بغداد، ذيع صيت السيدتين معا وزاد عدد متابعيهما في العالم العربي، وظلت السيدتان مترافقتان في الشهرة والمهنة والنجاح، وحتى في الموت.
وأحدثت الوفاة "الغامضة" لكل من رشا ورفيف رد فعل واسعا في الشارع العراقي والعربي أيضا، خاصة بعد الكشف المبدئي عن ملابسات وفاتهما المتشابهة إلى حد كبير.
وكانت صاحبة مركز "فيولا" رشا الحسن، التي أعلنت وزارة الصحة وفاتها الخميس الماضي (23 أغسطس)، كتبت آخر منشور لها على "فيسبوك"، قبل يومين من وفاتها الغامضة، قائلة: "كل عام وأنتم بخير.. جعل الله جميع أيامكم أعيادا... تأخرت عن التهنئة عذرا منكم بسبب وعكة صحية (الإنفلونزا لادين لها)".
وقبل أسبوع بالضبط (16 أغسطس)، أعلنت وزارة الداخلية وفاة خبيرة التجميل رفيف الياسري التي كانت تمتلك مركز "باربي" الخاص بعمليات التجميل والليزر، ويعد أكبر مراكز التجميل في بغداد.
وللوقوف على آخر تطورات التحقيقات الطبية والشرطية لفك طلاسم الوفاة الغامضة، حاولت "سكاي نيوز عربية" الاتصال بالمتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية سعد معن، لكنه لم يرد.
ولم تصدر حتى الآن الأسباب النهائية لوفاة خبيرتي التجميل، وإن كان المتحدثان باسم الداخلية والصحة تحدثا عن "أسباب مبدئية"، لم يقتنع بها الشارع العراقي، تتعلق بتناول جرعة دواء زائدة في حالة رفيف، ومرض مفاجئ ألم بـ"رشا".
واجهات مخابراتية
لكن ناشط حقوقي مستقل يعتقد أن "فصائل مسلحة" استهدفت الخبيرتين بـ"التصفية"، واصفا بعض مراكز التجميل بـ"الواجهات المخابراتية"، المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني.
وقال الناشط، الذي يفضل عدم ذكر اسمه، لموقع "سكاي نيوز عربية" إن "فصائل مسلحة تستخدم مراكز التجميل وغيرها من الأماكن، التي تحقق موارد مالية مرتفعة، كواجهات لها من أجل الحصول على التمويل"، مضيفا "هذه المراكز تتمتع بحماية أمنية رفيعة في العاصمة بغداد".
وتابع: "تستغل شخصيات عراقية مشهورة موالية لإيران مشاهير المجتمع في عمليات غسيل أموال"، مرجحا أن يكون سبب وفاة رفيف ورشا رغبة هذه الشخصيات في قطع شبهة الفساد عنها.
وأشار إلى أن مركز "باربي" لرفيف الياسري يقع في منطقة الجدارية، حيث تنتشر مكاتب مسؤولي الحشد الشعبي، ومقر منظمة بدر، أكبر الجماعات الشيعية المسلحة.
وأكد الناشط الحقوقي أن الوفاة الغامضة لرفيف "تزامنت مع حدوث انشقاقات في منظمة بدر".
وتابع: "مركز باربي للتجميل ملاصقا لمكتب زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، ومكتب زعيم ائتلاف الفتح ورئيس منظمة بدر هادي العامري"، وكلاهما معروف بـ"رجل إيران المفضل".
وفي فبراير 2016، لم تخف الياسري دعمها للحشد الشعبي الذي يتلقى التدريب والسلاح من إيران. وزارت مقاتلي الميليشيات في مستشفى الكاظمية، تعبيرا عن دعمها لهم في الحرب على تنظيم "داعش" آنذاك.
وطالب الحقوقي وزارتي الداخلية والصحة بالكشف عن "المادة التي تعاطتها كل من رفيف ورشا وتسببت في وفاتهما". كما طالب بكشف الحسابات المصرفية للسيدتين وحجم الأموال والمعاملات الخارجية لهما.
حركات دينية
وفي المقابل تعتقد الناشطة الحقوقية بشرى العبيدي، وهي أستاذ القانون الجنائي في جامعة بغداد، أن تتابع الوفاة الغامضة لكل من رشا الحسن ورفيف الياسري لا يمكن تسميته بعد بالاستهداف المنظم، فـ"عدد الضحايا لا يزال قليلا".
ورجحت العبيدي، في حديثها لموقع "سكاي نيوز عربية"، وقوف "حركات دينية مسلحة"، لم تسمها، شبيهة بتلك التي استهدفت سابقا محال المشروبات الكحولية والمثليين ومراكز التدليك "المساج"، وراء الوفاة الغامضة لرشا ورفيف.
وعلى استحياء، تتحدث بعض الشخصيات المجتمعية في العراق عن "يد إيرانية" وراء الوفاة الغامضة لخبيرتي التجميل، وتعلق العبيدي على ذلك، قائلة: "لا أستبعد ذلك".
ولفتت إلى أن "المجاميع الدينية المسلحة عادة ما تضم عاطلين عن العمل تستغلهم أطراف حزبية متنافرة، أو دول جوار معادية، أو جهات خارجية، وجميعهم يهدفون إلى العمل التخريبي وعدم إقامة نظام في العراق"، على حد قولها.