في واحدة من أبرز معارك بسط الشرعية لسيطرتها على كافة أرجاء اليمن، بدأت قوات المقاومة اليمنية المشتركة، بدعم ومشاركة قوات التحالف العربي، عملية لإنقاذ مدينة الحديدة الساحلية الاستراتيجية من البطش الحوثي.
ومنذ صباح الأربعاء، كثف التحالف هجماته النوعية على مواقع الحوثيين، حيث نفذت طائراته وسفنه ومدفعيته ضربات استهدفت تحصينات المتمردين، دعما للعمليات البرية لتحرير الحديدة.
وبالتزامن مع الضربات، شنت القوات المشتركة عمليات خاطفة، أسفرت عن تحرير مزارع على طريق مطار الحديدة، الأمر الذي أحدث مزيدا من الانهيارات في صفوف الميليشيات.
ويقول الخبير العسكري والاستراتيجي اليمني، العميد خالد النسي، إن ميليشيات الحوثي الإيرانية لن تصمد أمام الهجمات المركزة، وستلجأ، في محاولة يائسة، لحرب الشوارع في معركة الحديدة، التي تكتسب أهمية استراتيجية.
تحصينات الحوثي
وتطل الحديدة على البحر الأحمر، وبها أكبر ميناء يمني والذي من المفترض أنه يشكل مدخلا للجزء الأكبر من المساعدات الإنسانية، بينما تستخدمه الميليشيات للحصول على واردات الأسلحة من إيران وغيرها من حلفائها.
ويبسط الحوثيون، المدعومين من إيران، سيطرتهم على مطار الحديدة، وقاعدتها الجوية، والميناء، بعد اجتياحهم العاصمة صنعاء عام 2014.
وقال النسي لموقع "سكاي نيوز عربية" إن المتمردين الحوثيين ينتشرون في شارع صنعاء، حيث نشروا قناصين في مباني شاهقة الارتفاع.
كما يتخذ الحوثيون من المركز التدريبي العسكري، الواقع بين المدينة والكيلو 16، حيث يتحصنون أيضا، معسكرا لهم، حسب ما أضاف الخبير العسكري والاستراتيجي.
أهمية تحرير الحديدة
ولتحرير الحديدة أهداف عدة، تتنوع بين العسكرية والإنسانية والسياسية لتشكل مجتمعة نقلة إيجابية في مسار الأزمة، التي اندلعت عقب سقوط اليمن بقبضة ميليشيات الحوثي.
ووقف التحالف العربي، بقيادة السعودية، سدا منيعا بوجه المشروع الإيراني للحوثي، ليستعيد بمشاركة القوات الشرعية أكثر من 80 بالمئة من مساحة البلاد، ليؤكد اليوم عزمه حسم الأزمة لصالح الشعب اليمني عبر بوابة الحديدة.
فعلى الصعيد الإنساني، سيتابع التحالف بعد إعادة الشرعية اليمنية للحديدة، نهج الحزم والأمل الذي طبقه خلال العمليات السابقة، والمتمثل بتحرير المحافظات من السطوة العسكرية لميليشيات إيران، لتبدأ بعدها مرحلة إعادة الأمن والاستقرار إلى هذه المناطق وتقديم الدعم الإنساني للأهالي، بالإضافة إلى إعمار ما دمرته حرب الحوثي العبثية.
وسيؤدي بسط سيطرة الشرعية على ميناء الحديدة حتما إلى تدفق غير مسبوق للمساعدات الإغاثية وبالتالي تخفيف المعاناة الإنسانية، لملايين اليمنيين، لاسيما أنه منذ سيطرتها على المدينة ومينائها عام 2014، عمدت ميليشيات الحوثي إلى احتجاز وقطع الطريق أمام عشرات السفن المحملة بمساعدات إنسانية للشعب اليمني.
ويعد ميناء الحديدة شريان الحياة لأكثر من 8 ملايين يمني، فعبره تمر معظم الواردات وإمدادات الإغاثة، للملايين في محافظات الحديدة وتعز وصعدة وصنعاء، قبل أن تحوله الميليشيات المتمردة إلى أحد أبرز مصادر تمويلها، بالإضافة إلى استخدامه لإدخال الأسلحة والصواريخ الباليستية المهربة من إيران، وكافة وسائل الدعم اللوجستي، كما استخدمته قاعدة لانطلاق عملياتها الإرهابية عبر البحر، فضلا عن نشر الألغام البحرية.
وعليه، فإن تحرير المدينة سيخدم الجانب العسكري في أوجه عدة، فسيساهم في وقف عمليات تهريب الأسلحة والصواريخ التي تستخدمها الميليشيات في تدمير اليمن وتهديد دول الجوار، بالإضافة إلى حصر الميليشيات في حيز جغرافي ضيق، الأمر الذي سيؤدي إلى إجبارهم للعودة إلى طاولة المفاوضات، أي دفع عملية السلام ودعم جهود الحل السياسي.
وبينما تحتاج أي مفاوضات سياسية إلى موقف عسكري واضح على الأرض، فإن استعادة المدينة الاستراتيجية وحرمان المتمردين من أهم مصادر تمويلهم وتسليحهم سيدفعهم إلى طاولة المفاوضات، لاسيما أنه منذ انقلابهم على الشرعية، كانوا قد أفشلوا مساعي الأمم المتحدة، معتمدين على الدعم الإيراني المتمثل في الإمدادات اللوجستية والأسلحة المهربة.