منذ انقلابهم على السلطة الشرعية في اليمن، اعتمدت ميليشيات الحوثي الإيرانية أسلوب المراوغة والتحايل السياسي، فرفضوا الالتزام بالقرارات الدولية وأفشلوا مبادرات الحل السياسي، فلم يبق أمام الشرعية اليمنية سوى اللجوء للخيار العسكري.
وبدأت مراوغة الحوثيين تظهر بشكل صريح في سبتمبر 2014 بعد انقلابهم على السلطة الشرعية في صنعاء. حيث وقعوا اتفاق "السلم والشراكة الوطنية" لتسوية الأزمة بينهم وبين الحكومة الشرعية. لكنهم رفضوا التوقيع على الملحق الأمني للاتفاق الذي يجبرهم على إلقاء السلاح والانسحاب من صنعاء وبسط نفوذ الدولة.
ورغم توقيع الحوثيين على الاتفاق، فقد قاموا باجتياح محافظتي صعدة وعمران وعززوا من سيطرتهم الجغرافية في الشمال اليمني، قبل أن يتجهوا غربا ويسيطروا على محافظة الحديدة والميناء الاستراتيجي في 14 اكتوبر 2014، ثم واصلوا الزحف إلى البيضاء ومحافظات الجنوب اليمني وعلى رأسها عدن في مارس عام 2015.
وبطلب من الحكومة اليمنية الشرعية بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي، شن تحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية في 25 مارس عام 2015، عملية "عاصفة الحزم" العسكرية لدحر الانقلاب، أعقبها بعملية "إعادة الأمل" التي ركزت على إغاثة اليمنيين إنسانيا بجانب الجهود العسكرية لإعادة الشرعية.
قرار مجلس الأمن
وفي أبريل عام 2015، أصدر مجلس الأمن الدولي قرارا ملزما تحت الفصل السابع حمل رقم 2216 وطالب الحوثيين بوقف القتال وسحب قواتهم من المناطق التي فرضوا سيطرتهم عليها بما في ذلك صنعاء وتعز والحديدة، تمهيدا لاجتماع برعاية مجلس التعاون الخليجي للتوصل إلى اتفاق سياسي مع الحكومة الشرعية.
ورفض الحوثيون تطبيق القرار الدولي الملزم، واستمروا في قصف المناطق السكنية عشوائيا لترهيب المدنيين.
مفاوضات جنيف
وبدأ في 16 يونيو عام 2015 مؤتمر دولي تدعمه الأمم المتحدة في جنيف بين أطراف الأزمة اليمنية، لكن الحوثيين رفضوا الحوار مع حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي.
وعقدت جولات عدة للتفاوض بين الحكومة الشرعية والحوثيين في جنيف، لكن كل تلك الجولات أحبطتها مناورات الحوثيين وتهربهم من الالتزام بالقرارات الدولية. وكان في إحدى الجولات أن تأخّر الوفد الحوثي عن الحضور عدة أيام ما دفع إلى تأجيل المفاوضات.
مشاورات الكويت
وفي 22 أبريل عام 2016، بدأت أول جلسة مشاورات مباشرة بين وفد الحكومة اليمنية والمتمردين في الكويت برعاية الأمم المتحدة.
وقدم المبعوث الدولي إلى اليمن آنذاك اسماعيل ولد الشيخ أحمد خلال ماراثون تفاوضي استمر 90 يوما وشهد العديد من الانتكاسات، خطة عمل من أجل الحل السياسي.
ورغم موافقة الحكومة الشرعية على الخطة، فقد أدار الحوثيون ظهرهم لها واستبقوها بخطوات أحادية بهدف الانفراد بالسلطة، بإعلانهم تشكيل "مجلس سياسي" بهدف "إدارة البلاد" وهي الخطوة التي نددت بها الأمم المتحدة.
عمل عسكري لاستعادة المسار السياسي
ومنذ ذلك الحين، لم تفلح جهود الوساطة الدولية بقيادة الأمم المتحدة في إقناع الحوثيين بالتراجع عن الانقلاب والاستجابة لجهود حل الأزمة سياسيا، وهو ما دفع بالحاجة إلى عمل عسكري حازم متوافق مع القانون الدولي.
وحقق تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية، نجاحات كبيرة على الأرض، متمثلة في استعادة عدن ثاني أكبر مدن البلاد وأهمها اقتصاديا، بينما تتقدم القوات في مديرية نهم شرقي صنعاء، و صعدة معقل الحوثيين في الشمال، إضافة إلى 7 محافظات بما يشكل 80 في المئة من مساحة البلاد.
وتقاتل قوات المقاومة المشتركة بإسناد من القوات المسلحة الإماراتية العاملة ضمن التحالف العربي من أجل تحرير كامل محافظة الحديدة ومينائها الاستراتيجي، بعد تقدم كبير في الساحل الغربي لليمن.
تحرير الحديدة.. نقطة تحول
وتشكل عملية تحرير مدينة الحديدة ركنا أساسيا في الحل السياسي للأزمة اليمنية، كون التحرير يتوافق مع أهداف قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 الرامي إلى إنهاء الأزمة في هذا البلد الذي دمرته ميليشيات الحوثي الإيرانية.
فهدف العمليات العسكرية التي تقوم بها قوات المقاومة المشتركة بإسناد ومشاركة من التحالف العربي لدعم الحكومة الشرعية، هو إجبار ميليشيات الحوثي الإيرانية على الامتثال لقرار مجلس الأمن.
وباستعادة ميناء الحديدة، ستنتهي عمليات تهريب الأسلحة والصواريخ التي تستخدمها الميليشيات في تدمير اليمن وتهديد الدول المجاورة، وهو ما ينص عليه ذات القرار الدولي الذي دعا إلى "منع توريد أو بيع أو نقل أسلحة للمتمردين والكيانات والأفراد الواقعين تحت العقوبات."
وسيؤدي تحرير الميناء إلى السماح بتدفق غير مسبوق للمساعدات الإغاثية، عبر تشغيل الميناء بأقصى طاقة، ومن خلال تطهير مياه البحر من الألغام الحوثية، وهو ما سيسهم بشكل كبير في تخفيف المعاناة الإنسانية لأهالي المدينة والشعب اليمني بشكل عام، خاصة وأن كل المساعدات التي تصل حتى الآن تتم سرقتها على يد ميليشيات الإرهاب الحوثية.
وتساهم المكاسب الميدانية التي حققها الجيش الوطني اليمني والمقاومة المشتركة بمساندة التحالف العربي لدعم الشرعية، في إجبار الحوثيين على الدخول في المسار السياسي بإشراف الأمم المتحدة بما يضمن إعادة الاستقرار إلى اليمن.