أقلق قانون جديد يسمح للحكومة السورية بإعادة تطوير المناطق التي دمرتها الحرب اللاجئين والدول التي تستضيفهم إذ أثار مخاوف من خسارة سوريين لأملاكهم من العقارات في بلادهم مما يقلل من احتمالات عودتهم.
ويشير القانون إلى اعتزام الحكومة إعادة بناء مناطق في البلاد بعد أكثر من سبع سنوات من الحرب التي أودت بحياة نحو نصف مليون شخص. يأتي ذلك على الرغم من بقاء مساحات كبيرة من البلاد خارج سيطرة النظام السوري
ودخل القانون 10 حيز التنفيذ الشهر الماضي فيما كان الجيش على وشك سحق آخر جيب للمعارضة المسلحة قرب دمشق مما يحكم قبضة الرئيس بشار الأسد على كل غرب سوريا تقريبا.
ويسمح القانون بتقديم ما يثبت ملكية العقارات في المناطق المختارة لإعادة البناء وللمطالبة بتعويضات، لكن جماعات إغاثة تقول إن الفوضى التي تسببت فيها الحرب تعني إن قلة سيتمكنون من فعل ذلك في الفترة الزمنية المتاحة، بحسب وكالة "رويترز".
وتقول جماعات الإغاثة إن من اضطروا إلى الفرار من منازلهم، وهم أكثر من نصف السكان قبل الحرب، سيواجهون صعوبات جمة في تقديم مثلتلك المطالبات.
ويواجه الكثير من اللاجئين حاليا خيارا صعبا بين العودة لبلادهم، رغم اعتقادهم أن الوضع فيها غير آمن، للمطالبة بحقوق الملكية في عقاراتهم شخصيا والمخاطرة بخسارتها وخسارة دافع كبيرللعودة لسوريا في المستقبل.
وقالت مذكرة وزعت على دول الاتحاد الأوروبي في اجتماع رفيع المستوى عقد مؤخرا "إذا طبق (القانون) في مناطق كانت المعارضة قد سيطرت عليها من قبل وشرد منها السكان أو في منطقة تعرضت فيها سجلات الأراضي للتدمير سيمنع عمليا عودة اللاجئين".
وهذا الأسبوع قال رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، الذي تستضيف بلاده أكثر من مليون لاجئ سوري، إن القانون يقول لآلاف الأسر السورية أن تبقى في لبنان من خلال تهديدهم بمصادرة العقارات.
ويقول بشار الأسد إن القانون أسيء تفسيره لتأجيج الرأي العام الغربي ضد حكومته، بينما يتهم معارضون الأسد بالسعي لإحداث تغيير سكاني من خلال دفع مسلحي المعارضة وأسرهم لمغادرة مدن سورية ويقولون إن القانون يصادرأملاكا ومنازل تعود للنازحين واللاجئين.
* لماذا صدقت حكومة الأسد على القانون 10؟
ستتزايد أهمية إعادة بناء المدن المدمرة للأسد إذا ما أرادت حويل انتصاراته في أرض المعركة إلى عودة كاملة لسلطته. كما أن إعادة البناء حيوية للاقتصاد السوري.
وشبه خبراء في إعادة الإعمار ما بعد الحرب القانون بقوانين تم التصديق عليها في مناطق حرب أخرى خاصة بيروت بعد الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990.
ويعتمد الأسد على الدول الحليفة خاصة روسيا وإيران لمساعدته في إعادة البناء إذ تقول دول غربية إنها لن تساهم في ذلك لحين وجود مرحلة انتقال سياسي في البلاد.
والمدن الرئيسية في غرب سوريا وهي دمشق وحلب وحماة وحمص تخضع بالكامل الآن لسيطرة الأسد لكن بخلاف حماة هناك أحياء بأكملها في باقي المدن مدمرة.
لكن جماعات معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان منها العفو الدولية اتهمت الأسد بالتفكير في القانون 10 لدفع معارضيه للخروج منم نازلهم بما أن أغلب المناطق المدمرة كانت مراكز كبرى للانتفاضة.
وقالت ديانا سمعان الباحثة في الشؤون السورية بمنظمة العفو الدولية "إذا طبق هذا القانون فيمكن استخدامه لإحدث تغيير جوهري في البنية الاجتماعية. آلاف السوريين، معظمهم في المناطق المؤيدة للمعارضة أو الذين لجأوا إلى الخارج، قد يخسرون منازلهم بسبب فقدان وثائق الملكية أو تدميرها".
* لماذا سيؤثر بدرجة أكبر على اللاجئين؟
كان كثير من اللاجئين يمتلكون عقارات في سوريا لكنهم سيواجهون صعوبة أكبر ممن بقوا في إثبات ملكيتهم.
وقال المجلس النرويجي للاجئين إن 67 بالمئة من اللاجئين الذين قابلهم قالوا إنهم يمتلكون عقارات في سوريا لكن 17 بالمئة منهم فقط لا يزال لديهم وثائق الملكية.
ويشكل الإطار الزمني للقانون مبعث قلق رئيسيا آخر.
فبمجرد أن تعلن سلطة محلية خطة لإعادة التطوير- وهو ما لم يحدث حتى الآن- فسوف يكون أمام الناس 30 يوما لتقديم ادعاءات الملكية،حتى يكون لهم الحق في الحصول على التعويض.
ويقول مؤيدو الحكومة إن سبل الحماية المكفولة لملاك العقاراتكثيرة، حيث يمكن للأقارب أو لمن يتم عمل توكيل لهم تقديم المطالبات والطعن على القرارات نيابة عن الملاك الغائبين.
لكن بعد سنوات من الحرب التي دمرت فيها مبان حكومية بما تضمه من ملفات، وفقد فيها الناس بطاقات هويتهم أو وثائق ملكية الأراضي لدى فرارهم، فقد يحتاج الأمر شهورا لإثبات هوية شخص ما ناهيك عن إثبات ما يمتلكه هذا الشخص.
وبالنسبة للاجئين في الخارج، فإن عمل توكيل بموجب القانون السوري لصالح صديق أو قريب في سوريا حتى وإن توفرت جميع الوثائق المطلوبة لديهم يستغرق ثلاثة أشهر على الأقل. ويحتاج ذلك أيضا موافقة أمنية، وهي ما قد تكون عقبة بالنسبة لمن فروا من المناطق التي كانت مراكز للمعارضة.
* ما هي المخاوف الأخرى بشأن القانون؟
يتم عرض تعويضات في شكل أسهم في شركة إعادة التطوير، لكن منظمات الإغاثة تشير إلى أن قلة من الشاغلين الأصليين سيطيقون التكلفة الإضافية للإسكان الجديد في مثل تلك المشروعات وربمايضطرون لبيع عقاراتهم بثمن بخس.
ونظرا لأن كثيرا من المناطق المتضررة كانت معاقل للمعارضة، فإن كثيرا ممن غادروا سوريا- وأقاربهم الذين بقوا- قد يخشون الذهاب إلى مسؤولي الحكومة لإثبات ملكيتهم.
ويستهدف القانون أيضا التجمعات السكنية التي بنيت دون موافقة رسمية أو وثائق قانونية. وقال خبير في القانون إنه قد يتم تخصيص أسهم لملاك تلك المساكن على أساس القيمة التقديرية للمبنى لكن لن يحق لهم الحصول على تعويضات عن الأرض دون إثبات للملكية.
وكثر من ملاك العقارات قتلوا في الحرب، وفي بعض الأحيان لم يحصل أقاربهم على شهادات وفاة لهم، فيما قد يسبب نزاعات على الميراث قد تعقد المطالبات بملكية العقارات.
وثمة ارتباك أيضا بشأن وثائق الملكية بعد أن بدأ القتال في 2011، حيث كانت الأسر تفر من جبهة قتال بعد الأخرى آخذة معها ما أمكنها حمله فقط وتبيع عقاراتها لجيران. وجرى بيع وشراء بعض العقارات مرات كثيرة دون إجراءات توثيق سليمة.
ولا يمكن لملاك العقارات الطعن على تحديد منطقة ما لإعادة التطوير، وستقوم محكمة استئناف بالفصل في الطعون على قيمة العقارات.