رغم التحذيرات السورية والتهديدات الكردية والتحفظات الأميركية، تواصل تركيا مساعيها للسيطرة على منطقة عفرين إلى الشمال الغربي من سوريا، بقصف مدفعي يعتقد أنه سيتبع بعملية عسكرية برية.
فلا يكاد أي خطاب للرئيس التركي رجب طيب أردوغان يتناول فيه الحرب الدائرة في جارته الجنوبية، يخلو من ذكر ضرورة توغل القوات التركية إلى المناطق الشمالية من سوريا، لا سيما عفرين.
ولا تفرق أنقرة بين مسلحي حزب العمال الكردستاني المصنف لديها منظمة إرهابية ويقاتل القوات التركية من جهة، ووحدات حماية الشعب الكردية التي تسيطر على عفرين من جهة أخرى، وتتعامل مع الجهتين كعدو وهدف عسكري مشروع.
وتكمن أهمية عفرين بالنسبة لتركيا في أنها تخضع لسيطرة الأكراد، كغيرها من مناطق الشمال السوري، وتخشى أنقرة أن تكون عفرين نقطة انطلاق للقوات الكردية لضم مناطق أخرى.
ويرى خبراء أن التعزيزات العسكرية غير المسبوقة للجيش التركي في هاتاي قبالة عفرين خلال الساعات الماضية، تشير إلى أن العملية هناك قد تستغرق وقتا.
ووفقا لوسائل إعلام تركية، فإن فرقة الكوماندوز في الجيش التركي تتمركز حاليا على الحدود التركية السورية قبالة عفرين، ومعها وحدات من المدرعات، مما يشير بحسب البعض إلى احتمال تطور عملية عفرين إلى هجوم بري.
ويروج أردوغان لفكرة أن قوات حماية الشعب الكردية تحاول إقامة "ممر للإرهاب" على الحدود الجنوبية لتركيا، يربط عفرين بمنطقة كبيرة يسيطر عليها الأكراد إلى الشرق، بعد أن أقامت عملية "درع الفرات" التركية عام 2016، منطقة عازلة بين الأراضي الخاضعة لسيطرتهم.
ويبدو أن أردوغان مصمم على القضاء على قوات حماية الشعب هناك بصرف النظر عن أي تهديد أو تحذير.
فقبل أيام حذرت الحكومة السورية تركيا من شن عملية عسكرية في عفرين، وقالت إن دفاعاتها الجوية "مستعدة للتصدي لمثل هذا الهجوم".
كما أن العملية لن تروق بالتأكيد للولايات المتحدة، الداعم الأكبر للقوات الكردية في شمال سوريا، وأكد على ذلك دعوة الخارجية الأميركية لتركيا لعدم شن هجوم في عفرين ومواصلة التركيز على محاربة تنظيم "داعش".
وتجاهلت أنقرة رد الفعل الذي صدر عن قوات حماية الشعب الكردية بعد إعلان وزارة الدفاع التركية بدء عملية عفرين، متوعدا برد قوي.
ويعتقد على نطاق واسع أن زيارة رئيس الأركان التركي خلوصي آكار إلى موسكو، الخميس، كان للحصول على الضوء الأخضر من روسيا قبل شن حملة عفرين، حيث تسعى أنقرة إلى تجنب خوض مواجهة مع موسكو، حليفة دمشق الأولى.
والدليل الأكبر على ذلك، ما نقلته وسائل إعلام تركية رسمية، الجمعة، بعد إعلان وزير الدفاع التركي بدء العملية، حيث قالت إن الجنود الروس انسحبوا من عفرين.