في إطار مساعي تشكيل جيش سوري موحد، تبرز العديد من التحديات التي تواجه هذه الخطوة، أبرزها مواقف الأطراف الفاعلة، مثل قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والطائفة الدرزية في السويداء.
وبينما تبدو هذه الحوارات خطوة إيجابية على طريق الحل السياسي، يظل التساؤل حول إمكانية التطبيق الفعلي لهذه المبادرات.
مخاوف السويداء.. بين الثقة والتطبيق
عقدت اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني السوري جلسة في محافظة السويداء، حيث تمحورت النقاشات حول قضايا عدة، من بينها إعادة هيكلة الجيش السوري، وإمكانية دمج قوات سوريا الديمقراطية ضمن المنظومة الأمنية والعسكرية للدولة.
وفي هذا السياق، صرح الشيخ حكمت الهجري، زعيم طائفة الموحدين الدروز، بأنه "لا يمانع تسليم السلاح والانضمام إلى الجيش السوري الموحد بعد تعافي الدولة"، لكنه شدد على ضرورة تشكيل إدارة مدنية تكنوقراطية لا تحكمها الانتماءات العرقية أو الدينية أو السياسية.
من جانبه، أكد مالك أبو خير، أمين عام حزب اللواء السوري، خلا حواره لبرنامج التاسعة على سكاي نيوز عربية أن "القضية اليوم ليست بالتفاعل فقط، بل بقدرة حكومة دمشق على التطبيق الفعلي"، موضحا أن "اللغة التي تطرحها السويداء اليوم هي لغة دستورية وقانونية، لكن المخاوف تتعلق بآلية التنفيذ".
قسد وشروط الدمج.. هل تتحقق؟
في موازاة ذلك، أصدرت قوات سوريا الديمقراطية بيانًا أكدت فيه على "أهمية الحوار القائم مع دمشق، وضرورة إنجاحه عبر دمج قواتها العسكرية والأمنية ضمن الجيش السوري، مع استبعاد المقاتلين الأجانب". كما شددت على "أهمية إعادة تفعيل مؤسسات الدولة في شمال وشرق سوريا".
إلا أن التساؤلات لا تزال قائمة حول مدى إمكانية تنفيذ هذه التفاهمات على أرض الواقع. وفي هذا السياق، أشار مالك أبو خير إلى أن "المخاوف لدى جميع الأطراف لا تزال قائمة بسبب عدم وجود خطوات واضحة حتى الآن"، موضحًا أن "هناك حالة من عدم الثقة، خاصة في ظل عدم تنفيذ الوعود الاقتصادية التي طرحتها الحكومة السورية".
التحديات الاقتصادية والمطالب السياسية
إلى جانب البعد العسكري، تلعب العوامل الاقتصادية دورًا رئيسيا في تحديد مواقف الأطراف. حيث أكد أبو خير أن "الوضع الاقتصادي في السويداء يعد من أكبر التحديات، إذ لم يتم تطبيق أي حلول عملية حتى الآن، مما يفاقم المخاوف داخل المحافظة".
وأضاف: "التحدي الأكبر ليس فقط تسليم السلاح، بل التأكد من أن هذه الخطوة ستتم ضمن مؤسسات الدولة الرسمية، مع ضمانات حقيقية تعيد الثقة بين الأطراف المختلفة".
أما فيما يتعلق بالمطالب السياسية، فقد شدد أبو خير على أن "الحل لا يكمن في منح امتيازات لطرف دون آخر، بل في تحقيق مشاركة حقيقية لجميع السوريين، بما في ذلك الأكراد والدروز، في إدارة الدولة".
وأوضح أن "اللامركزية قد تكون الحل الأمثل لضمان تمثيل عادل لجميع المكونات، بعيدًا عن المركزية المطلقة التي أثبتت فشلها في الماضي".
الطريق إلى الأمام.. هل يتحقق التوافق؟
في ظل هذه التحديات، تبقى مسألة تشكيل الجيش السوري الموحد رهينة لإرادة الأطراف المختلفة، ومدى استعدادها لتقديم تنازلات حقيقية. وبينما تسير الحوارات بخطى متسارعة، تبقى العبرة في التنفيذ الفعلي لما يتم الاتفاق عليه.
ويرى أبو خير أن "نجاح هذه المساعي مرهون بقدرة الحكومة السورية على تحقيق خطوات دستورية واضحة، تعزز ثقة الأطراف المختلفة، وتترجم الأقوال إلى أفعال"، مؤكدًا أن "الحل السياسي في سوريا لا يمكن أن ينجح إلا من خلال استيعاب جميع المكونات، وليس عبر فرض رؤية أحادية".
مع استمرار الحوارات، يبقى السؤال الأبرز: هل تكون هذه المفاوضات بداية حقيقية لبناء جيش وطني موحد، أم أن العراقيل السياسية والاقتصادية ستظل تعيق هذا المسار؟