مع دخول سوريا مرحلة انتقالية جديدة، تبرز جهود الإدارة السورية الجديدة لبناء الثقة مع كافة المكونات والأطياف داخل البلاد.
يأتي هذا الحراك السياسي في سياق مساعي القيادة الجديدة لتجاوز الإرث الثقيل من النزاع الداخلي، وفتح صفحة جديدة تعتمد على الحوار الوطني الشامل كآلية لتحقيق الاستقرار وإعادة بناء الدولة.
مد اليد لكل الأطياف.. رسالة تطمين شاملة
تحركات الإدارة الجديدة، بقيادة أحمد الشرع، تسعى إلى مد جسور الحوار مع الجميع، بما في ذلك الأقليات والطوائف المختلفة. في لقاء جمعه بممثلي الكنائس المسيحية، أكد الشرع على التزامه بحماية حقوق جميع الطوائف، داعيًا إلى صياغة دستور عصري يعكس التنوع السوري.
هذا اللقاء حمل رسالة تطمين إلى الداخل والخارج، لكن أثار في الوقت ذاته جدلًا حول شمولية هذا الحوار، خاصة مع تصريحات بطريرك أنطاكيا للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر الذي أكد أنه لم يتلقَ دعوة للمشاركة في المؤتمر السوري المرتقب.
مؤتمر الحوار الوطني.. بداية لإصلاح شامل
مؤتمر الحوار الوطني السوري يمثل حجر الزاوية في رؤية الإدارة الجديدة للإصلاح السياسي. ورغم الآمال المعلقة عليه، يبقى التساؤل حول قدرته على تحقيق تمثيل حقيقي لكافة الأطياف، خاصة في ظل انتقادات سابقة لنقص التمثيل في مؤتمرات مماثلة.
ويشير أستاذ العلاقات الدولية في جامعة دمشق، عبد القادر عزوز، خلال حديثه لـ"سكاي نيوز عربية" أن هذه اللقاءات تؤكد توجهًا جديدًا للإدارة يسعى لطمأنة المواطنين وضمان تمثيل متساوٍ لجميع المكونات، مشددًا على ضرورة عدم تكرار أخطاء الماضي.
دمج الفصائل خطوة نحو جيش وطني موحد
من بين التحركات اللافتة للإدارة الجديدة، دعوتها لدمج كافة الفصائل المسلحة تحت مظلة وزارة الدفاع. في هذا السياق، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) استعدادها للانضمام إلى الجيش الوطني، مع التأكيد على وجود شروط تحتاج للنقاش.
يرى عزوز أن هذه الخطوة تمثل جزءًا من رؤية أكبر لبناء جيش قائم على العقيدة الوطنية والمهنية، بعيدًا عن الأجندات الخارجية، محذرًا من أن أي تمايز في المؤسسة العسكرية قد يعيق الاستقرار طويل الأمد.
التحديات الإقليمية والدولية
الحراك السوري لا ينفصل عن التعقيدات الإقليمية والدولية. الولايات المتحدة أعربت عن قلقها من تقارير حول أعمال عنف تستهدف الأقليات، داعية إلى حماية حقوقهم وضمان عملية سياسية شاملة.
في الوقت ذاته، تأتي المواجهات بين قوات قسد وتركيا لتضع الإدارة الجديدة أمام تحدٍ إضافي في الحفاظ على استقرار البلاد ومنع تفكك نسيجها الاجتماعي.
رؤية لمستقبل سوريا
يرى عزوز أن سوريا بحاجة إلى صياغة هوية وطنية جديدة تعكس تطلعات الشعب السوري بمختلف مكوناته. وأكد على أهمية بناء دولة قانون تحفظ حقوق وواجبات الجميع، مع اعتماد مبدأ الاعتدال والحوار كأساس للحكم. وأضاف أن الشعب السوري، الذي أنهكته الحرب، يتطلع إلى حلول عملية تعالج جذور الأزمة وتؤسس لدولة عصرية.
وفي هذا الشان يمكن القول إن الإدارة السورية الجديدة تقف أمام تحديات كبرى تتطلب توازنًا دقيقًا بين تطمين الداخل والتعامل مع الضغط الدولي والإقليمي. نجاحها يعتمد على قدرتها في بناء توافق وطني شامل يمهد لمرحلة من الاستقرار والتنمية.