أعلن زعيم "هيئة تحرير الشام"، أبو محمد الجولاني، أن المقاتلين الأجانب، الذين ساعدوا الهيئة في الإطاحة بالحكومة السورية، قد يسمح لهم بالحصول على الجنسية السورية.
ونقلت وسائل إعلام عن الجولاني قوله إن المقاتلين الأجانب الذين دخلوا سوريا للقتال ضد الحكومة السورية كانوا جزءا من الحركة التي أدت إلى سقوط بشار الأسد ويجب الاحتفال بهم، وفق تعبيره.
وتأتي هذه التصريحات فيما تسود حالة من الحذر والقلق في أوساط المجتمع الدولي حول تطورات الوضع في سوريا، لا سيما بعد أن بدا خطاب الجولاني أكثر انفتاحا، بينما تواصل إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب الضغط على إدارة الرئيس الحالي جو بايدن لعدم رفع التنظيم من قائمة الإرهاب.
ورغم الخطاب الذي يبدو موجها نحو الاستفادة من الظروف الإنسانية في سوريا، إلا أن المخاوف تتزايد على المستويين الإقليمي والدولي من تصاعد النفوذ الإرهابي في المنطقة.
يزعزع الاستقرار
كشف مصدر أميركي لـ"سكاي نيوز عربية" أن إدارة الرئيس ترامب حثت إدارة بايدن على عدم رفع "هيئة تحرير الشام" والجولاني من قائمة الإرهاب، معتبرة أن ذلك قد يزعزع الاستقرار في سوريا.
تشير هذه التحركات إلى عدم رغبة الولايات المتحدة في اتخاذ أي خطوة غير مدروسة دون التأكد من سلامة الإجراءات، خاصة مع استمرار القلق بشأن تطبيق قانون "قيصر" الذي يهدف إلى الضغط على النظام السوري وداعميه.
من جهة أخرى، يعكس الموقف الأوروبي أيضا تحفظات على أي إجراءات قد تؤدي إلى رفع العقوبات عن سوريا. ففي تصريحات لوزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، أشار إلى أن أي مساعدات إنسانية أو اقتصادية يجب أن تكون مشروطة بتعهدات سياسية وأمنية من الحكومة السورية.
وأضاف الوزير الفرنسي أن فرنسا ستستضيف اجتماعا في يناير المقبل لمناقشة الوضع في سوريا، ويشمل الشركاء العرب والأتراك والغربيين.
الجولاني وعلاقته بالإخوان
على الرغم من التصريحات التي تظهر محاولة الجولاني لتقديم نفسه كزعيم معتدل مقارنة بالماضي، إلا أن هناك شكوكا حول ارتباطاته مع جماعات متشددة، لا سيما بعد ظهور محمود فتحي، أحد المتهمين في اغتيال النائب العام المصري، مع الجولاني في صورة حديثة.
هذا يثير تساؤلات بشأن ارتباط "هيئة تحرير الشام" بجماعات إخوانية متشددة، مما يعزز المخاوف من تحول سوريا إلى ساحة صراع بين القوى الإسلامية المتطرفة.
مستقبل العلاقات في سوريا
ورغم هذه التحديات، فإن الوضع في سوريا لا يزال متشابكا ومعقدًا.
في هذا الصدد، قال الأستاذ الباحث في الاقتصاد السياسي والعلاقات الدولية في جامعة باريس، الدكتور حسان القبي لـ"سكاي نيوز عربية"، إن رفع "هيئة تحرير الشام" عن قوائم الإرهاب قد يفتح الباب أمام المزيد من التصعيد السياسي والعسكري في المنطقة.
وأشار القبي إلى أن الغرب أصبح يتواصل بشكل مباشر مع الجولاني، مما يثير تساؤلات حول حقيقة دعم الغرب لهذه الجماعات، خصوصا في ظل التطورات الأخيرة في سوريا وتزايد النفوذ الإقليمي والدولي.
وأضاف أن الوضع الحالي قد يهدد استقرار سوريا ويعيدها إلى فترة من الاستبداد، إن كانت تلك المفاوضات تستهدف تحقيق مصالح أطراف معينة على حساب الشعب السوري.
من جهته، ذكر الخبير العسكري والإستراتيجي العميد أحمد رحال لـ"سكاي نيوز عربية"، أن الشعب السوري عانى كثيرا من النظام الديكتاتوري الطائفي، وأنه لا يمكن له القبول بديكتاتورية جديدة تحت مسمى الإسلام السياسي.
وأضاف أن السوريين لا يؤمنون بالتطرف أو الإرهاب، بل يسعون إلى بناء دولة مدنية ديمقراطية.
ورأى رحال أن العملية السياسية المقبلة في سوريا هي التي ستحدد مصير البلاد وهوية النظام المقبل، مشددًا على ضرورة الالتزام بمبادئ الحقوق المدنية وحماية كافة مكونات الشعب السوري.