أثار إعلان الجيش الإسرائيلي عن تفكيك نصف قوات حماس القتالية وتدمير عشرات الأنفاق بمنطقة رفح جنوبي قطاع غزة، تساؤلات بشأن مدى اقترابه من تحقيق أهدافه العسكرية، وسط تقديرات إسرائيلية بالسيطرة الكاملة على رفح في غضون أسبوعين.
واستعرض محللون عسكريون وسياسيون في حديثهم لموقع "سكاي نيوز عربية"، إمكانية نجاح الجيش الإسرائيلي في تحقيق أهدافه بمدينة رفح عبر تحييد كتائب حماس الأربع التي طالما اعتبرها هدفه الرئيسي من عمليته الراهنة، والتي أثارت انتقادات دولية واسعة، وضغوط على حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للتراجع عنها.
ماذا حدث في رفح؟
- أعلن الجيش الإسرائيلي قبل ساعات، تفكيك نحو نصف القوة القتالية لحركة حماس في رفح، باستهداف ما لا يقل عن 550 مسلحاً من عناصر حماس.
- تقاتل الفرقة 162 التابعة للجيش الإسرائيلي في رفح منذ أكثر من 40 يوما، وسيطرت على الضواحي الشرقية للمدينة في بادئ الأمر ثم معبر رفح الحدودي مع مصر يوم 7 مايو الماضي، وفي المرحلة الثانية، بعد حوالي أسبوع ونصف، سيطرت على حي البرازيل، وفق صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".
- أما المرحلة الثالثة من هجوم رفح، شهدت سيطرة الجيش الإسرائيلي على محور فيلادلفيا، في الوقت الذي تدور المعارك حاليا مع الكتائب المتبقية لحماس في أجزاء من تل السلطان والجزء الشرقي من الشابورة.
- وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أنه من بين الكتائب الأربع التابعة لحماس في رفح، يُعتقد أن اثنتين منها في يبنا جنوب رفح، وفي رفح الشرقية، قد تم تفكيكهما بالكامل تقريباً، في حين تدهورت قدرات الكتيبتين الأخريين في الشابورة (شمال رفح) وتل سلطان (غرب).
- كما قدرت صحيفة جيروزاليم بوست أن الفرقة 162 قضت على نصف كتائب حماس، ودمرت حوالي 200 فتحة نفق، بجانب القضاء على آخر مخزون كبير للصواريخ للحركة.
- واعتبر الجيش الإسرائيلي أن العديد من عناصر حماس قتلوا في غارات على المباني والأنفاق، في حين فر عدد غير معروف من أنصار الحركة من منطقة رفح بعد بداية العملية العسكرية.
- وأشار إلى تحديد ما لا يقل عن 25 نفقا طويلا بعضها على الأرجح استخدمته حماس لتهريب الأسلحة.
- في المقابل، فإنه منذ بداية الحرب وحتى الآن، عانت الفرقة 162 من 3800 جريح و180 قتيلاً، و23 سقطوا في معارك رفح، بحسب شبكة "بي بي سي" البريطانية، ثمانية منهم قُتلوا يوم السبت في انفجار في مركبة مدرعة تعرضت لهجوم.
رفح.. أوج المعارك
ويرى الخبير العسكري والاستراتيجي العميد سمير راغب، أنه على المستوى العملياتي، فالجيش الإسرائيلي يتحدث عن إنهاء قرابة 70 بالمئة من العمليات بمنطقة رفح، وبذات المعدل ربما نكون أمام أسبوعين لاستكمال تلك العمليات الخاصة بالأهداف الإسرائيلية المُخطط لها في رفح الفلسطينية.
وحال مضي تلك العمليات كما هو مخطط لها، فمن المنتظر أن تبدأ بعد 15 يومًا "عمليات منخفضة التصعيد في رفح"، وفق راغب.
لكن الخبير العسكري أوضح في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن التقييمات العسكرية الإسرائيلية بشأن رفح ربما تكون غير دقيقة، مستشهدًا في ذلك بأن "الجيش الإسرائيلي سبق أن قال إنه حيّد 18 كتيبة لحماس في شمال ووسط غزة، وتتبقى أمامه 4 كتائب فقط، لكن الأحداث اللاحقة أثبتت عدم دقة الرواية الإسرائيلية بعد استمرار العمليات النوعية التي يقوم بها عناصر حماس من حين لآخر".
وبشأن مدى تدهور القدرات القتالية لحماس في الآونة الأخيرة، قال راغب إن الحركة لا تزال قادرة حتى الآن على شن "عمليات استنزاف"، لكن لم يعد بإمكانها تنفيذ عمليات على غرار ما جرى في بداية الحرب؛ لأنها فقدت الكثير من عناصرها القتالية البارزة.
وأوضح أن إسرائيل ستمضي في تنفيذ عمليات متوسطة ومرتفعة الحدة في منطقة رفح خلال الأيام المقبلة وصولًا لاستكمال باقي الـ 30 بالمئة من أهدافها غير المحققة.
وبشكل عام، فإنها ستمضي بعد ذلك في عمليات "لأهداف مُختارة، وليس كثافة قتالية أو قتال (من بيت إلى بيت)" دون أن تنهي الضربات العسكرية بشكل كامل، وفق "راغب".
خداع عسكري
من جانبه، وصف رئيس مركز القدس للدراسات، الدكتور أحمد رفيق عوض، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، حديث إسرائيل عن حسم معاركها في غزة خلال أسبوعين بأنه "خداع عسكري وترويج إعلامي يستهدف كسب المزيد من الوقت وإرضاء الإدارة الأمريكية وتخفيف حدة الضغوط الدولية".
وأشار "عوض" أن إسرائيل حققت عددًا من الأهداف "غير المعلنة" خلال عمليتها العسكرية برفح، سواءً بفصل مناطق الشمال عن الجنوب، أو تدمير البنية التحتية بالمنطقة بشكل عام، معتبرًا أنه رغم ذلك "فإسرائيل لم تُنجز خطتها بشأن رفح رغم سيطرتها على محور صلاح الدين ومعبر رفح، ومن ثم فإنها لن تقترب من وقف شامل لإطلاق النار على المدى القريب".
ختامًا، يقول رئيس مركز القدس للدراسات، إن "إسرائيل ترغب في استغلال عملياتها العسكرية للحصول على أفضل شروط خلال المفاوضات وصولًا لأن يكون حكم غزة وإدخال المساعدات وإعادة الإعمار بشروط الخاصة".