لا تستبعد الأخبار القادمة من كواليس حركة النهضة الإخوانية في تونس لجوء الحزب إلى تغيير اسمه واسم مجلس الشورى التابع له في أقرب الآجال ضمن مناورة سياسية تهدف لإعادة التموقع في المشهد السياسي وتغيير موقف الشارع التونسي من الحركة التي ارتبط اسمها بسنوات من الفساد المالي والصعوبات الاقتصادية والاجتماعية والاغتيالات السياسية.
وتتجه حركة النهضة إلى هذه المناورات السياسية أشهر قبل موعد الانتخابات الرئاسية في البلاد من أجل إعادة التموقع في المشهد السياسي الذي لفظها باسم جديد لم يقع الاتفاق عليه بعد وبتغيير اسم مجلس الشورى إلى المجلس الوطني.
ويعتبر ملاحظون أن تغيير اسم مجلس الشورى محاولة للتخلص من الثقل الأيديولوجي للمجلس وتقديم الحركة في ثوب الحزب المدني الذي يفصل بين الدين و السياسة، إذ يبحث الحزب عن مخرج من المأزق الذي يتخبط فيه بعد سجن رئيسه راشد الغنوشي وملاحقة عدد من قياداته قضائيا و تقلص قاعدة أنصاره في الشارع التونسي.
وتأتي محاولة حركة النهضة في الانحناء للعاصفة السياسية بتغيير جلدها قبل الانتخابات الرئاسية المرتقبة في الخريف المقبل بالتزامن مع إعلانها عبر تصريحات إعلامية أنها ستدعم مرشحا للانتخابات الرئاسية القادمة وربما يكون شخصية تمثلها و حلفائها في جبهة الخلاص المعادية للمسار السياسي للرئيس قيس سعيد.
ويذكر أن حركة النهضة سبق وأن أعلنت مقاطعتها للانتخابات التشريعية الماضية وانتخابات مجلس الجهات والأقاليم المحلية.
وعلق الأمين العام لحزب التيار الشعبي زهير حمدي في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية" بأن الوقت مازال مبكرا للحديث عن حظوظ النهضة في المشاركة في الانتخابات الرئاسية القادمة لأن الأوضاع السياسية مرشحة لتطورات مهمة وتغييرات في المزاج العام تتشكل حسب أوضاع البلاد والمنطقة .
وقال حمدي إن الانتخابات القادمة هي أهم استحقاق سياسي في البلاد خاصة بعد تغيير النظام السياسي في الدستور الجديد إلى النظام الرئاسي مما يؤكد الحاجة إلى مناخ اجتماعي واقتصادي يشجع الجميع على الانخراط في الحياة السياسية و يوفر عرضا سياسيا يسمح بالاختيار بين جميع المترشحين حسب البرامج.
وأكد زهير حمدي أن "حركة النهضة لديها قاعدة انتخابية لا تتجاوز 400 ألف شخص ضمن ملايين الناخبين في تونس مرجحا أن لا يكون لهم تأثيرا محددا في الانتخابات الرئاسية القادمة، كما أن الرقم قابل للتراجع لأن الشعب فقد ثقته في الطبقة السياسية التي حكمت السنوات الماضية نتيجة ممارسات وخيارات العشر سنوات الماضية".
وأضاف حمدي: "يعتبر التونسيون أن النهضة مسؤولة عن أزمات البلاد ولا أعتقد أن تحظى بثقتهم أو أن تستطيع تصعيد أو إسقاط مرشح رئاسي كما أن الحديث عن العرض السياسي من خلال المترشحين لن يكون متاحا قبل توضح الرؤية في شهر مايو القادم رغم إعلان بعض الترشحات ".
من جهته، يرى المحلل السياسي والأستاذ الجامعي فريد العليبي أن إعلان النهضة موقفها بدعم مرشح للانتخابات الرئاسية يمثل جبهة الخلاص يهدف لتجميع أكثر القوى السياسية المعادية للسلطة السياسية الحالية و للرئيس قيس سعيد .
وقال العليبي إن حركة النهضة في أوج ضعفها داخل المشهد السياسي حتى أن الشارع لا يستجيب إلى تحركاتها مهما دعت إليها فضلا عن تآكل رصيدها الانتخابي.
ورجح المحلل السياسي أن تكون معركة الانتخابات الرئاسية لعام 2024 محتدمة و فيها الكثير من التسابق و بمشاركة شعبية قياسية لأن الدستور الحالي ينص على النظام الرئاسي.
ويرى العليبي أن طريق قيس سعيد للفوز طريق معبدة و ميسرة و لا يتوقع أن يواجه صعوبة أو منافسة في الإطاحة بخصومه.
جدير بالذكر أن تونس تستعد لإجراء الانتخابات الرئاسية الثانية عشر في تاريخها لاختيار رئيس للبلاد لولاية مدتها خمس سنوات في خريف العام الحالي.