يوم الجمعة، تلقى ضباط الاستخبارات الإسرائيلية معلومات تشير إلى أن قائد الجناح العسكري لحماس محمد ضيف قد ظهر في فيلا بمنطقة المواصي، لتبدأ على الفور سلسلة من الاتصالات وصولا إلى بنيامين نتنياهو ليقر تنفيذ ضربة جوية.
وعندما تلقى الجيش مؤشرات إضافية على وجود ضيف بعد الساعة 10 صباحا يوم السبت، أرسل الطائرات المقاتلة، كما شن ضربة جوية إضافية بالقرب من فرق الطوارئ، حسبما أظهرت مقاطع الفيديو والصور التي راجعتها صحيفة "نيويورك تايمز الأميركية".
وتمت الموافقة على الضربة بعد مراقبة طويلة للفيلا، وهي إحدى مراكز القيادة السرية لرافع سلامة، وفقا لثلاثة مسؤولين إسرائيليين كبار.
فيلا سرية
وتقع الفيلا في منطقة تعرف باسم المواصي، غرب خان يونس بالقرب من البحر.
وتعود ملكيتها لعائلة سلامة، الذي بدأ في قضاء المزيد من الوقت هناك في الأشهر الأخيرة بعد أن اجتاحت القوات الإسرائيلية العديد من معاقله الأخرى في خان يونس، سواء فوق الأرض أو تحتها، وفقا للمسؤولين.
وقال المسؤولون إن سلامة كان لا يزال يقضي معظم وقته في شبكة أنفاق حماس تحت الأرض، لكنه كان يقيم بانتظام في الفيلا مع عائلته ومقاتلين آخرين للهروب من الظروف الخانقة في الأنفاق، بحسب نيويورك تايمز.
انتظار ظهور الضيف
وقال المسؤولون إن ضباطا من وحدة إسرائيلية تشرف على تحديد الأهداف عالية القيمة، تضم عملاء من الاستخبارات العسكرية والشاباك، اكتشفوا وجود سلامة منذ عدة أسابيع.
لكن القادة الإسرائيليين قرروا تأجيل أي محاولات لقتله لرؤية ما إذا كان سينضم إليه ضيف في مرحلة ما.
ويعتقد أن محاولات اغتيال سابقة لضيف تركته معاقًا، وقد يكون فاقدًا لعين وأطراف.
ويعتقد الجيش الإسرائيلي أن الضيف قد تطورت لديه مشاكل صحية تجبره على قضاء وقت أكثر من قادة حماس الآخرين فوق الأرض، خارج شبكة الأنفاق.
وأصبح قادة الجيش أكثر ثقة بأن ضيف قد يدخل فيلا سلامة بعد أن أشار عدد متزايد من الأدلة إلى أنه يضع ثقة غير عادية في تابعه.
وتضمنت الأدلة صورة تم الكشف عنها مؤخرًا، وراجعتها صحيفة "نيويورك تايمز"، يظهر فيها الرجلان وهما يسترخيان معا في حديقة.
التأثير على المفاوضات
لم يتضح على الفور كيف ستؤثر الضربة على محادثات وقف إطلاق النار التي تهدف إلى وقف القتال في غزة وإطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس. بعد أسابيع من الجمود، استؤنفت المحادثات في الأيام الأخيرة.
لكن في إشارة إلى أن المفاوضات قد تستمر، رفض عزت الرشق، عضو المكتب السياسي لحماس، تقريرا إخباريا يستشهد بمسؤول لم يكشف عن اسمه في حماس يقول إن المجموعة قررت وقف المحادثات.
وقال الرشق في بيان رسمي يوم الأحد إن التقرير "غير صحيح ولا أساس له".
وأوضح المحللون أنه بينما قد يتوقع بعض التوقف في المفاوضات، فإن المصلحة الأساسية لحماس في مثل هذا الاتفاق لا تزال قائمة.
وقال مخيمر أبو سعدة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر في غزة، التي ترتبط بحركة فتح، : "ليس أمام حماس خيار سوى العودة إلى طاولة المفاوضات".
وأضاف: "حماس في موقف سيئ للغاية. لقد دفعت إلى زاوية عسكرية، ولا شك في أنها ضعفت بعد تسعة أشهر".
قتل المدنيين
وعلى الرغم من أن الضربة وقعت داخل منطقة إنسانية محددة، قال القادة الإسرائيليون إنهم يعتقدون أن الخطر على المدنيين قد قل بسبب وجود الرجلين داخل مجمع تديره حماس، وفقاً للمسؤولين.
لكن وزارة الصحة في غزة أفادت بأن 90 شخصًا على الأقل قتلوا، نصفهم تقريبا من النساء والأطفال، وأصيب 300 آخرون. ووصفت التقارير القادمة من قطاع غزة المستشفيات بأنها تغص بالمصابين الفلسطينيين.
وشملت الإصابات العديد من الأطفال، بعضهم أصيب بالشلل أو تطلب بتر أطرافهم، وفقا لمسؤول كبير في الأمم المتحدة، سكوت أندرسون. زار السيد أندرسون مستشفى قريبًا بعد الهجوم وقال إنه رأى عشرات الأشخاص الجرحى جراء الانفجار.
الضيف لا زيزال على قيد الحياة
وبالرغم من كل الوفيات، أشار مسؤول في حماس يوم الأحد إلى أن ضيف لا يزال على قيد الحياة، حيث قال المسؤول في حركة حماس، خليل الحية، الذي يعيش في المنفى، في مقابلة تليفزيونية إن ضيف كان يستمع إلى كلمات نتنياهو و"يسخر" منها.
وقال نتنياهو نفسه، في مؤتمر صحفي متلفز ليلة السبت، إنه لا يزال هناك "عدم يقين مطلق" بشأن مقتل الضيف.
وعلى الرغم من أن سلامة لم يكن الهدف الرئيسي، فقد وصف الجيش الإسرائيلي والشاباك بأنه "واحد من أقرب المقربين" للضيف وقالا إنه كان أيضا "واحدا من العقول المدبرة" لهجوم السابع من أكتوبر. من بين المهام الأخرى، كما قالوا إنه كان مسؤولا عن جميع عمليات إطلاق القذائف نحو الأراضي الإسرائيلية من منطقة خان يونس.
وقالوا في بيان مشترك يوم الأحد بعد الظهر: "القضاء على رافع سلامة يعرقل بشكل كبير القدرات العسكرية لحماس".