تتزايَد الشكاوى في إقليم أزواد، بشمال مالي، من ممارسات عناصر شركة "فاغنر" الروسية المسلحة الخاصة ضد السكان المحليين، وسط تحذيرات مِن خبراء ومنظّمات حقوقية أن يُؤدّي استمرارها للإضرار بالوحدة الوطنية وسيادة البلاد.
ووثّقت جمعيات منها "كل أكال" في مدينة كيدال، و"تابيتال بلاكو" في وسط مالي، و"كيسال" في فلان ماسينا، ما اعتبرتها انتهاكات خارجة عن نطاق القضاء، وتستهدف بشكل خاص الطوارق والعرب الفلان، قام بها مرتزقة "فاغنر"، ومنها:
- إعدام مئات المدنيين.
- اعتقال العشرات.
- سرقة الممتلكات.
- إحراق العديد من المنازل السكنية ونهبها.
- الاختفاء القسري.
- قصف أهداف مدنية.
- تفخيخ الجثث وقطع الرؤوس.
- تدمير البيوت بإحراقها أو تفخيخها ونهبها.
وتسبّبت المعارك بين الجيش و"فاغنر" من جانب، وحركات أزواد المسلحة الساعية للاستقلال بحكم إقليم أزواد من جانب آخر، والتي اندلعت في الربع الأخير من عام 2023، في مقتل نحو 600 مدني، ويُرجع العضو البارز في جمعية "كل أكال"، سيدي أغ باي، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، "الانتهاكات" السابقة إلى أن المجلس العسكري الحاكم "سعى إلى تقويض التزامات الدولة المنصوص عليها في اتفاق السلام والمصالحة، ونتجت عن ذلك المعارك المسلحة الأخيرة، والتي ساعده فيها تطويره للأسطول الجوي بطائرات القتال والطائرات من دون طيار".
واتفاق السلام والمصالحة، المعروف باسم اتفاق الجزائر، وقّعته الحكومة مع حركات مسلحة في إقليم أزواد عام 2015، بعد حرب خاضها الجانبان بداية من عام 2012؛ نتيجة مطالب هذه الحركات بحكم ذاتي أو الانفصال بإقليم أزواد.
وممّا نص عليه الاتفاق، دمج عناصر الجماعات المسلحة الموقعة على الاتفاق في الجيش المالي، وتوسيع صلاحيات الإدارة المحلية في أزواد.
إلا أن الجماعات المنضوية تحت "تنسيقية حركات أزواد"، هدّدت مرارا العام الماضي بالانسحاب من الاتفاق، متهمة المجلس العسكري بعدم الالتزام بتطبيق بنوده، بينما أعلن المجلس من ناحيته، على لسان المتحدث باسم الحكومة، الكولونيل عبدالله مايغا، في بيان بثه التلفزيون، أواخر يناير، إنهاء الاتفاق، محمّلا بعض الجماعات الموقعة جزءا من المسؤولية عن ذلك "لتغير موقفها"، في إشارة إلى دخولها في معارك جديدة مع الحكومة من أغسطس إلى نوفمبر الماضي.
تهديد الوحدة الوطنية
يُحذّر أغ باي من أن استمرار هذه الممارسات وتعاون الجيش مع مجموعة "فاغنر"، "سيُباعدان بين القلوب وبعضها، وتكون لهما تأثيرات على التعايش السلمي والوحدة الوطنية، وأي فرصة قادمة للشعوب بالانتماء للدولة، بجانب تضرّر السيادة الوطنية"، متوقّعا أن ينتج عن استخدام "فاغنر" تداعيات "أكثر قسوة" من تلك التي للجماعات الإرهابية، خاصة في استهداف الشعوب الأصلية وهُويتها.
بالمثل، يحذّر المتحدّث باسم جمعية "كيسال"، وهي جمعية للدفاع عن عرقية الفلان في قطاع ماسينا وسط مالي، من تأثير "فاغنر" والجيش على السلام الأهلي، معتبرا أن أسباب عمليات الاستهداف العرقي "واضحة وبسيطة"، ومنها أن المجلس العسكري يرى أن بعض الجماعات العرقية هي الأكثر تمثيلا في صفوف الإرهابيين والمتمرّدين.
ومن جهتها، دانت جمعية تابتال بلاكو، المدافعة عن الفلان في وسط مالي، ما اعتبرتها جرائم ضد المجتمع الفلاني في منطقة ماسينا، منها ما جاء في بيان لها يوم 27 يناير، مثل مقتل 24 مدنيا من الفلان، بينهم نساء وأطفال، بواسطة الجيش ومرتزقة "فاغنر"، حسب قولها.
النزوح القسري
أمر آخر يلفت إليه الخبير الأمني في مالي، بوناكا ميغا، بخصوص تداعيات ما وصفها بـ"انتهاكات" يرتكبها الجيش و"فاغنر"، وهو اضطرار السكان إلى "النزوح القسري"، وزيادة مشكلات اللجوء.
كما اتفق بونكا مع تحذير سيدي أغ باي، عضو جمعية "كل أكال"، بشأن أن هذا العنف سينعكس بعواقب سيئة على التماسُك الاجتماعي والثقة داخل المجتمع، داعيا لتقديم مرتكبي هذه الانتهاكات للمحاكمة.
هيمنة "فاغنر"
في تقدير بوناكا ميغا، فإن الجيش المالي بات "تحت تأثير" شركة "فاغنر"، مستدلا على ذلك بأن "الحكومة منحت حرية تامة لهؤلاء المرتزقة في التحرك؛ ما ينتهك يوميا قوانين الدولة".
في نفس الوقت، أشار إلى أن "بعض جنود الجيش المالي فقدوا حياتهم في مواجهة فاغنر، وآخرين تم اعتقالهم".
ونفّذ الجيش المالي و"فاغنر" في هذا الأسبوع العديد من العمليات في ولايتي تومبكتو وكيدال؛ أسفرت عن مقتل واعتقال العديد من السكان؛ حسب ما أكدته مصادر محلية.