يثير التقارب والعلاقات الجيدة بين روسيا ورئيس النظام العسكري في النيجر الجنرال عبد الرحمن تياني، مخاوف الولايات المتحدة الأميركية من فقدان النفوذ الحيوي لها في غرب إفريقيا.
في انتكاسة لاستراتيجية واشنطن لمكافحة الإرهاب ضد الجماعات المتطرفة في المنطقة، أعلنت النيجر مؤخرا إلغاء الاتفاقية التي كانت سارية منذ عام 2012 مع الولايات المتحدة، علما أن هناك حوالي 1000 عسكري ومدني أميركي في البلاد.
ماذا سيعني إلغاء الاتفاقية مع الولايات المتحدة؟
- قد يعني إلغاء الاتفاقية إغلاق القاعدة الجوية الأميركية 201، وهي منشأة بقيمة 110 ملايين دولار تم بناؤها في شمال البلاد في عام 2018 لإجراء مراقبة بطائرات بدون طيار لتنظيم "داعش" والجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة في منطقة الساحل.
- تعد القاعدة الجوية 201 واحدة من أكبر منشآت الطائرات الأميركية بدون طيار في إفريقيا، والوحيدة في ذلك الجزء من القارة.
- توفر الطائرات بدون طيار الأميركية في هذه القاعدة معلومات استخباراتية واستطلاعية، بالإضافة إلى عمليات توجيه الضربات للتنظيمات الإرهابية.
- تخشى واشنطن أن يؤدي فقدان قواعدها في النيجر إلى المخاطرة بالدولة المجاورة لبوركينا فاسو ومالي من خلال الوقوع تحت الهيمنة الروسية.
- أنشأت مجموعة "فاغنر" الروسية وجودا لها في بوركينا فاسو ومالي، وكذلك في العديد من البلدان الإفريقية الأخرى.
- بعد انقلاب يوليو الماضي في النيجر، أصدر يفغيني بريغوجين قائد "فاغنر" بيانا رحب فيه بالحكومة العسكرية الجديدة وعرض عليها خدمات شركته.
- قدمت الولايات المتحدة مبادراتها الخاصة تجاه المجلس العسكري في وقت سابق من هذا العام خلال زيارة متوترة قام بها ممثلون عن وزارة الخارجية والبنتاغون، الذين كانوا يأملون في الحفاظ على التعاون بعد الانقلاب ومنع البلاد من الوقوع تحت النفوذ الروسي والإيراني.
- في 15 مارس، أعلن المتحدث باسم المجلس العسكري، العقيد أمادو عبد الرحمن، في خطاب بثه التلفزيون الوطني، أن الوجود الأميركي في النيجر "غير قانوني" ووصف بوضوح الزيارة التي ترأستها مولي في، مساعدة وزير الخارجية للشؤون الإفريقية بأنها "تؤدي إلى نتائج عكسية".
- أوضح عبد الرحمن أن الحكومة "تدين بشدة الموقف المتعالي المصحوب بالتهديد بالانتقام من رئيس الوفد الأميركي تجاه حكومة وشعب النيجر".
- وفقما ذكرت صحيفة "ّذا غارديان" البريطانية في تقرير لها، فإنه يبدو أن هذه التعليقات جاءت بسبب اتهامات من مسؤولين أميركيين بأن النيجر كانت تجري مفاوضات للسماح لإيران بالوصول إلى احتياطياتها من اليورانيوم، وهو تطور من شأنه أن يمكّن طهران من توسيع برنامجها النووي.
- حول هذه النقطة قال عبد الرحمن إن "حكومة النيجر ترفض الادعاءات الكاذبة لرئيس الوفد الأميركي التي تقول إنها وقعت اتفاقا سريا بشأن اليورانيوم مع إيران".
- في تجسيد لمخاوف الولايات المتحدة من تنامي النفوذ الروسي والإيراني، زار رئيس وزراء المجلس العسكري الأمين زين علي مهمان موسكو أولا في ديسمبر الماضي لمناقشة العلاقات العسكرية والاقتصادية، ثم زار طهران في يناير، حيث التقى بالرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.
مباحثات لتعزيز التعاون الأمني
ما يثير مخاوف واشنطن هو استمرار المباحثات والتقارب بين النيجر وروسيا، حيث بحث رئيس النظام العسكري في النيجر الجنرال عبد الرحمن تياني، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اتصال هاتفي الثلاثاء "تعزيز" تعاونهما الأمني، حسبما جاء في بيان رسمي صادر عن النيجر.
وناقش "رئيسا الدولتين"، "الحاجة إلى تعزيز التعاون الأمني" بين روسيا والنيجر "لمواجهة التهديدات الحالية"، حسبما جاء في بيان تُلي عبر الإذاعة العامة في النيجر.
وناقش الزعيمان أيضا "مشاريع للتعاون الاستراتيجي المتعدد القطاعات والشامل"، بحسب البيان الذي لم يذكر تفاصيل.
وأعرب الجنرال تياني الذي يقود النيجر منذ إطاحة الرئيس محمد بازوم في يوليو الماضي، عن "شكره على الدعم" الذي قدمته روسيا للنيجر، وأشار إلى "نضال" هذا البلد الساحلي من أجل "السيادة الوطنية"، بحسب البيان.
وقال بيان للكرملين إن الجانبين عبّرا عن "استعدادهما لتفعيل حوار سياسي وتطوير تعاون فيه منفعة متبادلة في مختلف المجالات".
وأضافت موسكو "تم أيضا تبادل وجهات النظر حول الوضع في منطقة الصحراء والساحل، مع التركيز على تنسيق الإجراءات لضمان الأمن ومكافحة الإرهاب".
التغلغل الروسي في غرب إفريقيا
• تواجه النيجر وجارتاها بوركينا فاسو ومالي، أعمال عنف متطرفة متكررة ودامية منذ سنوات، ترتكبها الجماعات المتشددة المرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش.
• في هذه البلدان الثلاثة، أطاحت انقلابات عسكرية متعاقبة الحكومات المدنية منذ العام 2020.
• ابتعدت هذه المستعمرات الفرنسية الثلاث السابقة عن باريس واقتربت اقتصاديا وعسكريا من شركاء جدد بينهم روسيا، قبل أن تجتمع في تحالف دول الساحل بهدف إنشاء اتحاد فدرالي.
• في منتصف يناير، أعلنت روسيا أنها وافقت على "تكثيف" تعاونها العسكري مع النيجر.
• زار وفد روسي نيامي في ديسمبر لإجراء محادثات مع الجيش أعقبها توقيع اتفاقات حول تعزيز التعاون العسكري.
• أعلنت النيجر وبوركينا فاسو ومالي في نهاية يناير انسحابها من الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إكواس) وتشكيل قوة مشتركة ضد الجماعات المتطرفة.