تعهد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب خلال حملته، بـ"تطهير الجيش" ممن وصفهم بالجنرالات "التقدميين" الذين يركزون على العدالة العرقية والاجتماعية، وسط مخاوف من سعيه لتطويع الجيش وتحويله لأداة تنفذ سياساته مع التخلص من العسكريين الذين يعتبرهم غير مخلصين.
وكان جنرالات سابقون في فترة ولاية ترامب الأولى ووزراء دفاع في الولايات المتحدة من ضمن أشد منتقديه، ووصفه بعضهم بأنه "فاشي"، وأعلنوا أنه غير لائق للمنصب.
وأثارت هذه الانتقادات غضب ترامب، ودفعته للقول إن رئيس هيئة الأركان المشتركة السابق في ولايته الأولى مارك ميلي يمكن إعدامه بتهمة الخيانة.
ويقول مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون إن ترامب سيعطي الولاء أولوية في فترته الثانية، و"سيتخلص من العسكريين والموظفين الذين يرى أنهم غير مخلصين له".
محاربة التقدميين
وقال السناتور الديمقراطي جاك ريد رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ: "صراحة، سيدمر ترامب وزارة الدفاع. سيتدخل وسيقيل الجنرالات الذين يدافعون عن الدستور".
ويخشى مسؤولون أميركيون من أن إدارة ترامب قد تستهدف رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش سي كيو براون، وهو جنرال طيار مقاتل سابق وقائد عسكري يحظى باحترام واسع ويبتعد عن السياسة، وفق "رويترز".
وأصدر الجنرال، وهو من أصحاب البشرة السمراء، رسالة عبر الفيديو عن التمييز في الرتب، في الأيام التي أعقبت مقتل جورج فلويد في مايو 2020 على يد ضابط شرطة في مينابوليس، وكان من مؤيدي التنوع في الجيش الأميركي.
والعام الماضي صوت جي دي فانس عضو مجلس الشيوخ نائب الرئيس المنتخب ضد تأكيد تعيين براون رئيسا لهيئة الأركان المشتركة، وكان من منتقدي المقاومة المتصورة لأوامر ترامب داخل البنتاغون.
وسبق أن حظر ترامب خدمة المتحولين جنسيا بالجيش، ونشر إعلانا للحملة على "إكس" يصورهم على أنهم ضعفاء، مع تعهد بأنه "لن يكون لدينا جيش من التقدميين".
استخدام الجيش داخليا
كما لمح ترامب إلى أن الجيش الأميركي يمكن أن يضطلع بدور مهم فيما يتعلق بالكثير من الأولويات في سياسته، من الاستعانة بالحرس الوطني وربما بالقوات النظامية للمساعدة في تنفيذ الترحيل الجماعي للمهاجرين الذين لا يملكون وثائق، وحتى نشر القوات للتعامل مع الاضطرابات الداخلية.
وتثير مثل هذه المقترحات قلق الخبراء العسكريين الذين يقولون إن نشر الجيش في الشوارع الأميركية من شأنه ليس فقط انتهاك القوانين، وإنما تأليب جزء كبير من سكان الولايات المتحدة على القوات المسلحة التي لا تزال تحظى بالاحترام على نطاق واسع.
وقالت كوري شاك، من معهد "أميركان إنتربرايز" ذي التوجهات المحافظة: "هناك تصور خاطئ واسع النطاق بين العامة أن الجيش له حرية الاختيار في عصيان الأوامر غير الأخلاقية. وهذا ليس صحيحا في الواقع".
وأضافت: "أعتقد أنه ستكون هناك فوضى كبيرة في ولاية ترامب الثانية، سواء بسبب السياسات التي سيحاول سنها أو الأشخاص الذين سيسعى إلى تعيينهم لتنفيذها".
وقلل أحد المسؤولين العسكريين الأميركيين من شأن مثل هذه المخاوف، وقال إن بث الفوضى داخل سلسلة القيادة العسكرية من شأنه إثارة رد فعل سياسي عنيف، ولن يكون ضروريا لترامب لتحقيق أهدافه.
موظفو البنتاغون
كما يقول مسؤولون إن الموظفين المدنيين ذوي الخبرة في البنتاغون يمكن أن يخضعوا لاختبارات ولاء.
وذكر مسؤول دفاعي أميركي كبير لـ"رويترز" أن هناك قلقا متزايدا داخل البنتاغون من أن يتخذ ترامب إجراءات لإفراغ الوزارة من الموظفين المدنيين المتخصصين.
ويعمل الموظفون المدنيون المتخصصون ضمن ما يقرب من 950 ألف موظف غير عسكري داخل الجيش الأميركي، وفي كثير من الحالات يتمتعون بخبرة متخصصة لسنوات.