تطرح الولايات المتحدة الأميركية وعودا جديدة بإمكانية الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة، وسط اشتعال حرب بين حليفتها إسرائيل وأطراف فلسطينية، لم تهدأ منذ 7 أكتوبر الماضي، وقرب انتخابات رئاسية يأمل الرئيس جو بايدن أن تكون لصالحه.
وتحدث محللون لـ"سكاي نيوز عربية"، عن ذلك الوعد الأميركي الذي يتكرر مع كل أزمة تندلع في المنطقة، لكن هذه المرة يأتي وسط صراع يتوسع عالميا، وقد يواجه بـ3 تحديات أو عقبات، أبرزها التعنت الإسرائيلي لقبول الطرح.
التاريخ يعيد نفسه
في قاعة دين أتشيسون واشنطن العاصمة، وقف آنذاك وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، في 28 ديسمبر2016، متحدثا عن السلام بالشرق الأوسط، وأهمية إقامة دولة فلسطينية، وبعد نحو 8 سنوات تحدث سلفه أنتوني بلينكن، الأربعاء، مع وزير الدفاع الإسرائيلي، يؤاف غالانت في تل أبيب عن أهمية إقامة دولة فلسطينية مع توفير ضمانات أمنية لإسرائيل، وفق بيانين سابقيين للخارجية الأميركية.
وفي 31 يناير الماضي، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، مات ميلر، الأربعاء، إن الولايات المتحدة تواصل دعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة مع ضمانات أمنية حقيقية لإسرائيل، وتناقش خيارات مع شركاء بالشرق الأوسط وداخل الحكومة الأميركية، بحسب ما نقل الموقع الإلكتروني لقناة سي إن إن الأميركية.
عودة الاعتراف
وفي 29 من نوفمبر 1947 تبنت الأمم المتحدة القرار 181 والذي تم بموجبه تقسيم فلسطين التي كانت تحت الانتداب البريطاني، إلى دولتين، إحداهما عربية والأخرى يهودية، وقامت دولة إسرائيل في 1948، وتبحث الثانية عن إعلان مماثل.
ومنذ عام 1988 اعترفت 82 دولة بالاستقلال الفلسطيني، وفق وكالة الأنباء الفلسطينية، كان من أبرزها: الدول العربية، وروسيا والصين، وارتفع العدد في 2014، إلى 135 دولة.
وبين هذه السنوات، كان عام 1993 عام التحول النسبي نحو الدولة الفلسطينية بخطوة إسرائيلية نادرة، بإعلان إسحق رابين رئيس وزراء إسرائيل وياسر عرفات رئيس السلطة الفلسطينية توقيع إعلان أوسلو برعاية أميركية والذي ينص على إقامة حكم ذاتي فلسطيني.
ومع وطيس حرب غزة، اتجهت واشنطن لاستدعاء تأييدها لإقامة دولة فلسطينية مجددا هذه الأيام.
عقبات
منذز الحوارات، المحلل السياسي الأردني، يسترجع في حديث مع "سكاي نيوز عربية "، ماضي الوعود الأميركية ويشير إلى عقبات حالية ستواجهها قائلا:
- الاعتراف الأميركي كلام هلامي، يعاد ذكره، ففي كل منعطف تاريخي بالمنطقة لكن حاليا هناك عقبتان تواجه ذلك الاعتراف.
- العقبة الأولى أمام أميركا، أنه لا أحد يعرف ماهي طبيعة الدولة الفلسطينية التي يتحدث عنها الأميركان، هل هي على حدود الرابع من حزيران 1967 هل تشمل القدس أو لا، وفي ظل عدم الوضوح أو تفاصيل ستقلل من فرص التعويل عليها.
- العقبة الثانية تتمثل في اصطدام واشنطن بتل أبيب، التي ترفض بقوة أي حل يمس ثوابتها بعدم إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة، أو طرح مدينة القدس على طاولة المفاوضات تماشيا مع موجة التطرف لديها التي تنادي ببناء الهكيل وهدم المسجد الأقصى.
ويتوقع الحوارات عدم وجود مستقبل لتلك الوعود مع تعثر ماضيها لأسباب :
- العناصر التي تعيق اتخاذ موقف أميركي جاد على الأرض أعلى بكثير من أي عناصر أخرى، والدليل على ذلك أن واشنطن لم تتخذ موقفا جادا ولا ضغطا بشكل كاف لوقف حرب غزة، بل دعمت تل أبيب بصورة واضحة للجميع.
- استمرار واشنطن في الحديث بلغتين، الأولى متفائلة وتطرح فرص حل للعرب والأخرى تتراجع 180 درجة مع زيارة تل أبيب وتتخذ موقفا مناصرا لإسرائيل.
- استمرار فقدان الدول العربية الثقة بالموقف الأميركي والدليل توجهها في اتجاه آخر يبحث عن أطراف دولية تتدخل في الصراع، بل إن فلسطين ذاتها تريد جهة ضامنة غير الولايات المتحدة.
طرح انتخابي
الأكاديمي، سعيد صادق، أستاذ دراسات السلام في الجامعة المصرية اليابانية، يقرأ في حديث مع "سكاي نيوز عربية" عودة الوعود الأميركية بإقامة دولة فلسطينية كالتالي:
- تكرار لحديث بدأ من عام 1948، مع إقامة دولة إسرائيل مرورا بمؤتمرات السلام لاسيما في التسعينيات، لكن توقف طيلة السنوات في سياق الكلام فقط.
- لن تغير من الرفض الإسرائيلي القديم لفكرة إقامة الدولة الفلسطينية والذي دفع رابين في 1995 ثمنه من حياته، على يد اليمين المتطرف، بل عملت إسرائيل على قتل تلك الفكرة بزيادة المستوطنات وأعداد المستوطينيين.
- تأتي مع عام انتخابي لبايدن، يريد بها أن يهدأ الغاضبين من حزبه، الرافضين للدعم المطلق لإسرائيل.
ولا يتوقع صادق مستقبلا لتلك الوعود مالم تعلن معالم محددة هي:
- إعلان الإدارة الأميركية تفاصيل محددة لتلك الدولة الفلسطينية المحتملة لاسيما شكلها السيادي والاقتصادي والعسكري وكيف ستلبي احتياجات الماء والطاقة وغيرهما.
- الذهاب لمؤتمر دولي والذي دعت له بلدان منها الصين، لإقامته بعد حرب غزة، لاختبار واقعية ذلك الطرح.
خلاف محتمل
نبيل ميخائيل، أستاذ العلاقات الدولية المتواجد في الولايات المتحدة، لا يستبعد في حديث مع "سكاي نيوز عربية"، اندلاع خلافات بين واشنطن وتل أبيب، إثر تلك الوعود الأميركية قائلا:
- الحديث الأميركي عن وعود بشأن إقامة دولة مستقلة ليس الأول من نوعه، سبق أن طرح وفشل، وحاليا سيتطلب أمور عديدة بينها توافق دولي، وقبول إسرائيلي.
- التحدي الأكبر الذي سيواجه تفعيل هذا الوعد هو الخلاف الأميركي الإسرائيلي خاصة أن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو يرفض فكرة إقامة دولة فلسطينية والأولوية عنده إنهاء الحرب.
- هذا الوعد يتطلب تعاونا بين أميركا ودول العالم المختلفة خاصة الدول الخمسة الأعضاء بمجلس الأمن ولاسيما روسيا لمنح شرعية دولية، وهذا قد لا يتم بسهولة خاصة وهناك خلافات دولية.
- حتمية إقامة مصالحة فلسطينية فلسطينية، فلا يمكن أن يعترف العالم بدولة فلسطينية مستقلة ومؤسساتها منقسمة.