باتت قضية الأكراد في سوريا إحدى القضايا الشائكة التي تثير الكثير من التساؤلات في ظل التغيرات السياسية الكبيرة التي شهدتها البلاد بعد سقوط نظام الأسد.
فمع تغير اللاعبين على الساحة السورية، يجد الأكراد أنفسهم عالقين بين أمن تركيا القومي وضمان وحدة الأراضي السورية، مما يعقد موقفهم في ظل الصراع الإقليمي والدولي.
تهديد للأمن القومي
تستمر تركيا في فرض ضغوط كبيرة على الأكراد في سوريا، معتبرة أن أي تمكين لهم في النظام السوري الجديد قد يمثل تهديدا مباشرا لأمنها القومي. ويتزايد هذا القلق التركي بسبب العلاقة بين بعض الجماعات الكردية في سوريا وحزب العمال الكردستاني (PKK)، الذي تعده أنقرة تنظيما إرهابيا.
وتسعى تركيا، إذا، إلى منع أي تمكين للأكراد في شمال سوريا، خشية من تأثير ذلك على الأكراد داخل حدودها وفتح المجال لزيادة نشاطات الحزب على أراضيها.
في هذا السياق، تدعو هيئة تحرير الشام إلى دمج مناطق سيطرة الأكراد ضمن الإدارة السورية الجديدة، مما يضيف تعقيدا للوضع القائم ويمس بشكل مباشر بمصالح الأكراد في المنطقة.
الدفاع عن سوريا وليس الانفصال
أكد الباحث السياسي رسطم محمود، في حديثه لـ"سكاي نيوز عربية"، أن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ليست مجرد قوة وظيفية أو عميلة، بل هي قوة نشأت للدفاع عن المنطقة بعد توسع تنظيم داعش في سوريا.
وأضاف أن "قسد" تعتبر نفسها وفية للمبادئ السورية، مشيرا إلى أن الأكراد في سوريا لا يسعون للانفصال، بل يسعون لبناء وطن سوري شامل لجميع مكونات الشعب السوري.
وأوضح محمود أن "قسد ترى أنها تمثل قيم الثورة السورية، حيث لعبت دورا محوريا في تحرير المناطق من تنظيم داعش". وأشار إلى أن الأكراد في سوريا لا يريدون الانفصال بل يسعون لحل سياسي يحفظ حقوق جميع الأطراف.
وفيما يخص الضغوط الأميركية، أشار محمود إلى أن "قسد" مستعدة للقبول بأي شروط تهدف إلى الحفاظ على السلام في المنطقة، ولكن بشروط محددة.
الموقف التركي
من جانبه، أكد المستشار السابق في رئاسة الوزراء التركية جاهد توز، لـ"سكاي نيوز عربية"، أن تركيا لا تسعى لمهاجمة الأكراد، لكنها لا تقبل بوجود تنظيمات إرهابية على حدودها.
وقال: "تركيا لا ترغب في أي تهديد مباشر لأمنها القومي من هذه الجماعات المرتبطة بحزب العمال الكردستاني".
وحول العلاقة بين حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) وحزب العمال الكردستاني، أشار محمود إلى أن العلاقة بين الأكراد في سوريا وأوجلان هي "علاقة رمزية" وليست سياسية، إلا أن توز أشار إلى أن هناك علاقة مباشرة بين الحزبين، بحسب دستور هذه التنظيمات.
التحديات المستقبلية
تظل العلاقات بين قوات سوريا الديمقراطية والأطراف الإقليمية والدولية قضية شائكة، خصوصًا مع التغيرات السياسية المتوقعة في سوريا والمنطقة.
ومع اقتراب تولي إدارة جديدة في الولايات المتحدة زمام الأمور، يبقى السؤال حول استمرار الدعم الأميركي لقوات سوريا الديمقراطية محط نقاش، مما يزيد من تعقيد الوضع بالنسبة للأكراد.
إلى جانب ذلك، تواجه قسد تحديات كبيرة في تحقيق توازن بين المطالب الإقليمية، الضغوط الدولية، والحفاظ على وحدة الأراضي السورية.