أرادت إيران ليلة 13 أبريل أن تريَ إسرائيل الجانب الشرس في شخصيتها، ردا على الأذى الذي ألحقته تل أبيب بطهران بعد ضربها عنوة رمز السيادة الإيرانية في العاصمة السورية دمشق، وقتل 2 من كبار جنرالاتها، وخمسة آخرين من ضباطها، فيما سقط عنصر واحد من حزب الله اللباني.
فأرسلت طهران في تلك الليلة التي لا تنسى لاعتبارات عدة، وابلا من المسيرات والصواريخ في استعراض ناري في سموات بلدان شرق أوسطية.
وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن إيران أطلقت 170 مسيرة، و30 صاروخ كروز، و120 صاروخا باليستيا.
لكن الردّ الذي أرادت عبره إيران إشهار مخالبها البتارة في وجه إسرائيل وإظهار بأسها وشدتها، كل ما فعله هو أنه كشف مواطن ضعفها ومكامن تأخرها التكنولوجي.
وهذه الاستنتاجات لم يدعمها كون إيران في تلك الليلة الطويلة لم تفلح عبر هذا العدد الهائل من المقذوفات إصابة هدف واحد وازن وحسب، وأن الدفاعات الجوية الإسرائيلية عملت على صدّها بالتعاون مع حلفاء تل أبيب، وبينهم واشنطن التي أعلنت عن إسقاط 80 مسيرة وصواريخ بالستية وحدها في تلك الليلة، إنما كشف ما هو أكبر من ذلك، وهو تأخر الجمهورية المنبثقة عن ثورة 79 بجيل كامل على الأقل حيال برنامجها الصاروخي وفق التعبير الذي استخدمته وكالة أسوشيتد برس في تقرير نشرته، يشكك كثيرا بالدعاية التي تنسجها طهران حول نفسها عن قدراتها الصاروخية. هذا مع الإشارة إلى أن 50% من المقذوفات الإيرانية فشلت عند إطلاقها أو قبل وصولها لأهدافها.
الوكالة الأميركية أعدت تقريرًا مفصلاً بالتعاون مع خبراء صواريخ، تبدى لهم من ضمن ما تبدى، أن الصاروخ البالستي "عماد" درة البرنامج الصاروخي الإيراني، والذي قدمته طهران عشية انتهاء حظر الأسلحة عليها من قبل الأمم المتحدة عام 2020 على أنه فخر صناعتها؛ هذا الصاروخ أغيش العينين، إذ يعيبه هامش خطأ قدره 1200 متر. فيما كانت تقديرات الخبراء تشير إلى 500 متر، بينما بيانات إيران كانت تذكر أن هامش الخطأ بالكاد 50 مترا.
ذاك أن إيران استهدفت بالصاروخ عماد قاعدة نيفاتيم الجوية وفيها حظائر طائرات إف 35 المقاتلة، المتهمة بتنفيذ الضربة على القنصلية في دمشق، لكن "عماد" تاه كثيرًا عن دربه، وسقط في غياهب صحراء النقب.
واليوم تسلف إيران إسرائيل انتقامًا آخر لاغتيال مسؤول مكتب حماس السياسي إسماعيل هنية على أراضيها، لا تنفك تردد على ألسنة مسؤوليها السياسيين والعسكريين على حدّ سواء بأنّ ردّها على إسرائيل لا مفرّ منه وسيكون قاسيا.
وهنا تبرز جدلية إضافية إلى التساؤل عمّا إذا كانت إيران راغبة فعلاً في إيذاء إسرائيل سواء في ردّ القنصلية أو في ردّ هنية المؤجل: فإذا كانت إيران تريد، هل حقا تستطيع؟!