في تطور لافت، دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره الأميركي دونالد ترامب لحضور احتفالات عيد النصر في موسكو.
تأتي هذه الدعوة وسط توترات متزايدة في العلاقات الدولية، خاصة مع استبعاد أوروبا بشكل متزايد من جهود إنهاء الحرب في أوكرانيا.
في الوقت الذي تبدو فيه موسكو وواشنطن أقرب إلى إيجاد حل تفاوضي للحرب، تتزايد المخاوف في العواصم الأوروبية من أن هذه المحادثات قد تأتي على حساب مصالحها الأمنية والسياسية.
بوتين وترامب.. تقارب أم تحالف جديد؟
تشير دعوة بوتين لترامب إلى محاولة روسيا تعزيز العلاقات مع الإدارة الأميركية المحتملة القادمة، خاصة مع تصريحات ترامب المتكررة بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا خلال 24 ساعة.
وعلى الرغم من أن هذا الوعد قد يبدو غير واقعي، إلا أنه يعكس رغبة ترامب في التوصل إلى تسوية سريعة قد تكون على حساب أوكرانيا وأوروبا.
الرسائل القادمة من موسكو وواشنطن تفيد بأن الحلول السياسية أصبحت أكثر ترجيحا من التصعيد العسكري، وهو ما يتجلى في تحركات المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف ومستشار الأمن القومي مايك والتز، اللذين سيتوجهان إلى السعودية لمناقشة الملف الأوكراني مع الجانب الروسي.
لكن هذا الحراك أثار قلق وزير الخارجية الأميركي، الذي أكد أن الأيام المقبلة ستحدد مدى جدية موسكو في إنهاء الحرب، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن "اجتماعًا واحدًا لن يكون كافيًا لإنهاء الحرب في أوكرانيا".
أوروبا.. من لاعب رئيسي إلى طرف مُهمّش؟
مع تزايد التقارب بين موسكو وواشنطن، وجدت أوروبا نفسها في موقف المتفرج، ما دفع قادتها إلى عقد اجتماع طارئ في باريس لمناقشة سبل التعامل مع المستجدات.
ووفقًا لما صرح به أستاذ العلوم السياسية بجامعة فيينا، هايانز غارتنر، خلال حديثه إلى "سكاي نيوز عربية" فإن الأوروبيين يشعرون بـأنهم قد تم التخلي عنهم وحشرهم في الزاوية، خاصة بعد التصريحات الأميركية الأخيرة التي أكدت أن القارة العجوز لن تشارك مباشرة في مفاوضات السلام.
ويضيف غارتنر انه كان على الأوروبيين أن يتحركوا في وقت مبكر وأن يقدموا وساطة أو مكانًا لعقد المحادثات، لكنهم فشلوا في ذلك. الآن، تجتمع روسيا وأميركا في السعودية، وليس في فيينا أو هلسنكي، مما يعكس فقدان أوروبا لدورها التقليدي في الدبلوماسية الدولية".
هذا التهميش الأوروبي لم يأتِ من فراغ، حيث سبق أن أشار نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس في مؤتمر ميونيخ للأمن إلى أن "الأوروبيين لا يُؤخذون على محمل الجد ويمارسون النفاق"، في إشارة واضحة إلى تراجع تأثيرهم في السياسة العالمية.
أمن أوروبا.. الثمن الحقيقي للصفقة؟
يبدو أن أوروبا تدفع الآن ثمن الاعتماد على الولايات المتحدة في القضايا الأمنية، وهو ما دفع المستشار الألماني أولاف شولتز إلى حث الدول الأوروبية على زيادة الإنفاق الدفاعي، تحسبًا لتراجع الدعم الأميركي المستقبلي لكييف.
وبحسب غارتنر، فإن قرار بعض الدول الأوروبية زيادة ميزانياتها العسكرية لم يكن فقط بسبب الغزو الروسي، وإنما استجابة لضغوط ترامب المستمرة، الذي طالبهم سابقًا برفع إنفاقهم الدفاعي إلى 5٪ من الناتج المحلي الإجمالي.
ويضيف غارتنر ان "الأوروبيون رفعوا إنفاقهم الدفاعي، لكن ليس بالقدر الذي يرضي ترامب. إنه يريد أن يجعلهم أكثر اعتمادًا على الأسلحة الأمريكية، وفي النهاية، يريد أن يعصرهم اقتصاديًا".
مستقبل الاتحاد الأوروبي.. إلى أين؟
مع استمرار التفاهمات الروسية الأميركية حول أوكرانيا، يواجه الاتحاد الأوروبي تحديات مصيرية، فبينما تحاول أوروبا البقاء على طاولة المفاوضات، تجد نفسها تُقصى تدريجيًا من عملية صنع القرار.
رئيس مجلس الدوما الروسي أكد في تصريحاته أن "هناك تغييرات خطيرة تنتظر الاتحاد الأوروبي، وستكون مؤلمة".
وفي ظل هذه التطورات، يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن أوروبا من استعادة نفوذها في المشهد السياسي العالمي، أم أن محور واشنطن موسكو سيعيد رسم الخارطة الجيوسياسية دون اعتبار لمصالح القارة العجوز؟