تحوّل أميركي لافت شهدته الأيام الأخيرة تجاه الحرب الأوكرانية، مع موافقة مجلس النواب على حزمة مساعدات لكييف، تزامنًا مع دراسة واشنطن إرسال مستشارين عسكريين إضافيين إلى سفارتها في كييف، بعد أشهر من الانتقادات الأوكرانية بانصراف جُل اهتمام الولايات المتحدة صوب أحداث الشرق الأوسط، ودعمها المفرط لإسرائيل.
واستعرض محللون ومراقبون أوكرانيون وأوروبيون، في حديثهم لموقع "سكاي نيوز عربية"، دلالة الدعم العسكري الأميركي الراهن لأوكرانيا، وتأثيره على مجريات الحرب الراهنة، التي يُتوقع أن تشتد معاركها خلال الأسابيع المقبلة.
دعم أميركي.. وتحذير روسي
- وافق مجلس النواب الأميركي على خطة مساعدات واسعة لصالح كل من إسرائيل وأوكرانيا وتايوان، فيما كان نصيب كييف منها 61 مليار دولار.
- حث الرئيس الأميركي جو بايدن، مجلس الشيوخ على "التعجيل بإرسال حزمة المساعدات للتوقيع عليها والإسراع بإرسال الأسلحة إلى أوكرانيا لتلبية حاجياتها الميدانية العاجلة".
- وتعليقًا على الدعم الأميركي، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن المساعدات العسكرية الأميركية سترسل رسالة قوية للكرملين بأن واشنطن لن تتخلى عن أوكرانيا، وسيكون لبلاده "الفرصة لتحقيق النصر على روسيا".
- في المقابل، قُوبلت الخطوة الأميركية بانتقادات روسية جمّة، إذ قال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إن المساعدات الأميركية "ستزيد من الدمار".
- وجاءت الموافقة على تشريع المساعدات الأميركية إلى أوكرانيا، بعد أيام من تحذير مدير وكالة الاستخبارات المركزية "سي أي إيه"، وليام بيرنز، من أن أوكرانيا قد تخسر الحرب مع روسيا نهاية العام ما لم ترسل الولايات المتحدة المزيد من الدعم العسكري.
- وجنبًا إلى جنب مع حزمة المساعدات، كشفت مجلة "بوليتيكو"، أن واشنطن تدرس إرسال مستشارين عسكريين إضافيين إلى سفارتها في كييف، في أحدث تأكيد على التزامها تجاه أوكرانيا، حيث يبدو أن روسيا تكتسب مزيدا من الزخم في الصراع المستمر منذ عامين.
- ووفق المتحدث باسم البنتاغون الجنرال باترك رايدر، فإنه لن يكون للمستشارين دور قتالي، بل سيقدمون المشورة والدعم للحكومة والجيش الأوكرانيين، في حين سيخضعون لنفس قيود السفر مثل جميع موظفي السفارة.
- وتكافح أوكرانيا لاستعادة زمام المبادرة ضد روسيا منذ فشل هجومها المضاد الصيف الماضي، قبل أن يتوقف الكونغرس عن تقديم مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية التي طلبها "زيلينسكي".
كيف تستفيد أوكرانيا؟
اعتبر محلل الشؤون الأوكرانية بمجموعة الأزمات الدولية، سيمون شليغل، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا "أمر بالغ الأهمية في هذا التوقيت"، إذ ستُمكّنها من الحصول على الذخيرة المطلوبة بشكل أكثر إلحاحًا، وكذلك تحسين الدفاع الجوي، والحصول على قدرات إضافية لضرب خطوط الإمداد الروسية في عمقها.
وعن إقرار المساعدات في هذا التوقيت بعد الجدل بشأنها مؤخرا، قال "شليغل" إن "تمرير الحزمة الآن فقط يرجع إلى سياسات عام الانتخابات المحلية في الولايات المتحدة أكثر من عدم الوضوح الكافي بشأن آفاق ساحة المعركة في أوكرانيا، إذ كان من الواضح بالفعل في خريف عام 2023 أن أوكرانيا ستحتاج إلى مزيد من الدعم من أجل الحفاظ على مسارها في الحرب".
وبشأن دور المستشارين العسكريين، أوضح "شليغل"، أنه من المرجح أن يقتصر دورهم على كييف ولن يدخلوا ساحة المعركة، لكن يمكنهم المساعدة في الخدمات اللوجستية والتنسيق المطلوبين للحصول على جهد دعم عسكري ضخم لأوكرانيا في الوقت المناسب وإيصال الأسلحة إلى حيث تشتد الحاجة إليها.
وتحدث محلل الشؤون الأوكرانية بمجموعة الأزمات الدولية، عن المسار المتوقع للحرب الأوكرانية خلال الأسابيع المقبلة، مشيرًا إلى أنه من المنتظر أن تكثف روسيا هجماتها في الأيام المقبلة لإلحاق أقصى قدر من الضرر بأوكرانيا قبل أن تحصل على قدرات جديدة بالمساعدات، ومن ثم فقد تفقد كييف أيضًا المزيد من الأراضي في الربيع والصيف.
فرصة أوكرانية للقتال
بدوره، يرى المحلّل المتخصص في شؤون أوكرانيا، ماتيا نيليس، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه لا يمكن المبالغة في أهمية حزمة المساعدات الأخيرة، والتي لا يزال يتعين تمريرها في مجلس الشيوخ، لكنها مع ذلك "مهمة للغاية لكييف؛ لأنها تمنح الجيش فرصة للقتال".
وأوضح "نيليس" وهو مؤسس مشارك للمكتب الألماني الأوكراني، أنه بينما تقاتل أوكرانيا حاليًا القوات الروسية وهي في موقف دفاعي، ستسمح حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا بتحقيق الاستقرار في الجبهة، واستعادة بعض نقاط القوة، والتدريب، والاستعداد المحتمل للهجوم المضاد التالي في العام المقبل.
واختتم "نيليس" حديثه قائلا: "القيمة الأساسية في حزمة المساعدات الأميركية أنها جلبت لأوكرانيا فرصة قتالية، لأن دول الاتحاد الأوروبي كانت متأخرة للغاية في تكثيف إنتاجها من قذائف المدفعية وأنظمة الدفاع المضادة للجو والصواريخ ومعدات عسكرية أخرى".