تستعد منظمة معاهدة الأمن الجماعي لتحديث أدواتها في مكافحة الإرهاب، بعد الهجوم الكبير الذي استهدف مركزا تجاريا، وأودى بحياة 137 شخصا في ضواحي موسكو.
ووفق محللين سياسيين، فإن المنظمة التي تأسست بعضوية روسيا وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان وبيلاروسيا وأرمينيا (علقت أرمينيا عضويتها في فبراير 2024)، باتت في "امتحان صعب" حول فائدتها في حفظ الأمن.
وأصدرت المنظمة بيانا أدانت الهجوم الإرهابي على موسكو، ودعا أمينها العام، إيمانغالي تاسماغامبيدوت، في تصريحات لوكالة "تاس"، إلى إنشاء أدوات لمكافحة الإرهاب، قائلا إن ما حدث يطرح مهمة تطوير أدوات فعالة لجميع الدول الأعضاء في منظمة معاهدة الأمن الجماعي لمواجهة هذا التهديد.
واتهم تاسماغامبيدوت أطرافا دولية باستخدام الإرهاب لتحقيق أهدافها، خاصة أنه "لم يتم بعد وضع تعريف مقبول بشكل عام للإرهاب، مما يجعل من الصعب تنسيق تصرفات الدول الوطنية في مكافحة هذه الظاهرة.. الأسباب واضحة، يستخدم عدد من الجهات الفاعلة الدولية الإرهاب لتحقيق مصالحها الجيوسياسية".
ومما يزيد من تحفّز المنظمة لتطوير أدواتها والتعاون بين دولها، أن 4 من بين المتهمين بالتورط في الهجوم على مركز "كروكس سيتي" التجاري من طاجيكستان، العضو في المنظمة، بعضهم يقيم بشكل غير قانوني في روسيا.
وأسفر الهجوم، الذي وقع الجمعة، عن مقتل 137 شخصا وإصابة 180 آخرين، بعدما أطلق المهاجمون النار على الحضور في مركز "كروكس سيتي" في ضواحي موسكو.
وأعلن تنظيم داعش، فرع "داعش خراسان"، ومقره أفغانستان، المسؤولية عن الهجوم، متعهدا بالمزيد من العمليات.
حالة تأهب
يتوقَّع الخبير في الشؤون الروسية، عماد الطفيلي، أن تكون منظمة معاهدة الأمن الجماعي في حالة تأهب، وتعمل بكل الوسائل المتاحة لدرء الأخطار المحدقة بأعضائها، خاصة فيما يتعلّق بتبادل المعلومات الأمنية والاستخباراتية.
ويُشير في ذلك إلى أن رئيس وزراء طاجيكستان زار السفارة الروسية في دوشنبة، معلنا التضامن مع روسيا، واتفق الرئيس الطاجيكي، إمام علي رحمون، ونظيره الروسي، فلاديمير بوتن، على مواصلة التعاون الوثيق، قائلا إن الإرهابيين ليست لهم جنسية أو دين.
كذلك صرّح مصدر في الخارجية الروسية لوكالة "نوفوستي" الروسية بالقول: "نحن نتعاون بشكل وثيق مع جميع أجهزة الأمن الشريكة، بما في ذلك من طاجيكستان، ونتلقى المساعدة ونشعر بالدعم، ويتم تقديم المساعدة للمحققين".
"التدخل السريع"
يُذكِّر خبير الأمن القومي والعلاقات الدولية، اللواء محمد عبدالواحد، بأن منظمة معاهدة الأمن الجماعي اتخذت بالفعل خطوات لتعزيز التعاون في مواجهة الإرهاب، ومنها وفق ما يقول لموقع "سكاي نيوز عربية":
- تشكيل قوة تدخل سريع.
- أعلنت أن أي اعتداء على دولة عضو في المنظمة يشكّل اعتداءً على بقية دولها.
- تشكيل دفاع جوي مشترك لهذه الدول.
بالإضافة لما سبق، يلفت عبدالواحد لـ"أهمية مراجعة القوائم الخاصة بالجماعات الإرهابية بالتعاون بين هذه الدول، لإحباط أي هجوم إرهابي في المستقبل".
ويرجّح أن يكون من نتائج الهجوم على مركز "كروكس سيتي" تغيير قواعد وشكل الحرب في أوكرانيا كذلك، بل وفي علاقة موسكو بأوروبا.
وفي فبراير الماضي، قال رئيس كازاخستان، قاسم جومارت توكاييف، أمام قمة دول معاهدة الأمن الجماعي في بيلاروسيا، إنه "يجب أن نواصل العمل معا لمنع مغادرة مواطني بلداننا الذين يخططون للانضمام إلى الجماعات الإرهابية، ومن المهم استخدام آلية لتفتيش واحتجاز وتسليم الأشخاص المتورطين في الإرهاب والتطرف".
واقترح توكاييف حينها "تكثيف أنشطة فريق الخبراء العامل المعني بمكافحة الإرهاب والتطرف التابع للجنة أمناء مجالس الأمن التابعة للمنظمة"، إضافة إلى مكافحة انتشار المخدرات الصناعية.
وقضت محكمة منطقة باسماني في موسكو يوم الأحد، بالحبس لمدة شهرين، على ذمة التحقيق لمنفذي هجوم كروكوس الإرهابي، ووُجّهت تهمة الإرهاب للمعتقلين الأربعة.
وتنصّ العقوبة القصوى بموجب هذه المادة على السجن مدى الحياة.
ما منظمة معاهدة الأمن الجماعي؟
- وُقّعت معاهدة الأمن الجماعي في 15 مايو 1992 في طشقند، ودخلت المعاهدة حيز التنفيذ في 20 أبريل 1994.
- في جلسة موسكو للجنة العلم والتكنولوجيا في 2002، تم تأسيس منظمة معاهدة الأمن الجماعي (CSTO) لتعزيز التعاون العسكري والأمني بين الأعضاء.
- في 2 ديسمبر 2004، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا يمنح منظمة معاهدة الأمن الجماعي صفة مراقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
- توصف بأنها وريثة "حلف وارسو" الذي كان يقوده الاتحاد السوفيتي السابق، وأنها "حلف ناتو مصغّر"، تسعى روسيا عبره لمواجهة حلف الناتو الذي يضم معظم دول أوروبا والولايات المتحدة.
- لها قوة عسكرية يستخدمها الأعضاء لمواجهة الإرهاب والتمرد الداخلي، وظهر ذلك بشكل خاص في إرسال قوة إلى كازاخستان لمساعدتها في مواجهة اضطرابات داخلية عام 2022.
- متوقع أن تطوّر من قدراتها لمواجهة حلف الناتو، خاصة بعد توسيع الحلف بانضمام فنلندا والسويد إليه مؤخّرا.