حدد مراقبون ثلاث خطوات لحل الأزمة السودانية تبدأ بالضغط على الأطراف المتحاربة لوقف القتال والدخول في عملية سياسية تشمل بشكل صريح، وإصلاح الأجهزة الأمنية، إضافة إلى التأسيس لفترة انتقالية فاعلة تقود لبناء دستوري يضمن الانصهار الكامل لمكونات المجتمع وتستجيب للمطالب التي رفعها الشارع السوداني في ديسمبر 2018.
وقال المراقبون لموقع "سكاي نيوز عربية" إن الخطوات الثلاث يجب أن تشكل الأولوية القصوى لحل الأزمة السودانية التي تزداد تعقيدا مع استمرار واتساع الحرب الحالية التي أكملت شهرها الخامس عشر، مشيرين إلى أن أي عملية تفاوضية لا تضمن خروج الجيش والأجهزة الأمنية من العمل السياسي والنشاط الاقتصادي وتستبعد المجموعات المتسببة في الحرب وتخاطب مشكلة الفساد المتجزرة ستؤدي إلى استمرار الأزمة.
ويشير الصحفي والمحلل السياسي شوقي عبدالعظيم إلى ضرورة أن تستند الحلول والمساعي الجارية حاليا إلى رغبات السودانيين في توحيد الجيش وفق الأسس الدولية المتعارف عليها وتخليصه من قبضة تنظيم الإخوان وتفكيك بنية فساد وتمكين عناصر نظام عمر البشير الذي أطاحت به ثورة شعبية في أبريل 2019.
كما يؤكد على أهمية تحقيق العدالة الانتقالية وإصلاح النسيج الاجتماعي الذي مزقته الحرب الحالية عبر ترتيبات دستورية موضوعية ومتوافق عليها.
ويقول عبدالعظيم لموقع "سكاي نيوز عربية": "يجب على الأطراف الساعية للحل إيجاد إجابات صريحة للاسئلة الصعبة المتعلقة بمصير القوات المتقاتلة وقياداتها، إضافة إلى تقديم طرح واضح حول العملية السياسية المنتظرة في مرحلة ما بعد الحرب، والتاكد من تحقيق مطالب الشارع الذي سيرفض أي حلول لا تلبي رغباته خصوصا في ما يتعلق بالحريات والعدالة.
ويلخص السفير الصادق المقلي الأطر المطلوبة للحل في ضرورة التوافق علي مشروع وطني جامع يعمل على وقف فوري للحرب دون شروط مسبقة مع ايجاد آلية مراقبة مراقبة فاعلة لتطبيق وقف إطلاق النار.
ويوضح لموقع "سكاي نيوز عربية": "بعد الاتفاق على وقف إطلاق النار لا بد من آلية دولية أو إقليمية لضمان التزام طرفي القتال بالمواقع المتفق عليها للقوات المتحاربة".
ويشير المقلي إلى أهمية فتح المداخل لتسهيل انسياب المساعدات الإنسانية للمتضررين، ومن ثم الشروع في عملية سياسية يشارك فيها في المرحلة الاولي المكون العسكري بشقيه للنظر في دمج قوات الدعم السريع والحركات المسلحة الأخرى مع وضع أسس ومبادئ واضحة لإصلاح القطاع الأمني والعسكري بغية التوصل لتشكيل جيش مهنى موحد وتحصينه ضد أي اختراق سياسى.
ووفقا للمقلي فإن نجاح العملية السياسية يتطلب التئام كافة المكونات باستثناء من ارتكب جرما قبل الثورة وفي مرحلة ما بعد "انقلاب أكتوبر" والحرب الحالية.
ويشترط المقلي وجود عامل مشترك بين تلك المكونات يكون حده الأدنى هو الإقرار بالتحول وضرورة النأي بالجيش عن المشهد السياسى.
ويضيف: "يجب أن تعقب العملية السياسية الدخول في فترة انتقالية تقودها حكومة مدنية من شخصيات مستقلة أو ممن يملكون خبرات كبيرة في العمل العام، على أن تركز مهام الحكومة الانتقالية على تحقيق العدالة وإرساء مبدأ عدم الإفلات من العقاب، ومعالجة آثار الحرب وإعادة الأعمار بعد تطبيع علاقات السودان مع محيطه الإقليمي والدولي".
من جانبه، ينبه وزير الخارجية الأسبق إبراهيم طه أيوب إلى أن نجاح أي حلول مستقبلية سيكون رهين بمعالجة حالة "التشرذم السائدة حاليا في الساحة السودانية والتى ضربت التجمعات السياسية والاجتماعية".
ويقول أيوب لموقع "سكاي نيوز عربية" إن "تباعد المواقف وتهتك النسيج الاجتماعى والقبلي على حد سواء بات يشكل عقبة كبيرة أمام الحلول.
ويضيف: "الظروف الحالية غير مواتية للنظر فى خارطة الطريق يمكن للقطاعات الهامة المكونة للشعب الالتفاف حولها...إذا كان لابد من البحث عن الصيغة المناسبة التى يمكن اتباعها أرى أن تتضمن مثل تلك الصيغة التزام الجميع بقبول الآخر بغض النظر عن انتمائه العقدي أو السياسي أو العنصري أو الاجتماعي أو الجهوي".
وفي السياق، يرى هشام أبو ريدة الخبير القانوني والقيادي في الجبهة الوطنية العريضة أن حل الأزمة يكمن اولا في وقف الحرب "عبر حوار بين القوة السياسية التي لم تشارك مع النظام السابق ولم ترتكب جرائم في حق الشعب السوداني".
ويشدد ابو ريدة على أن الحل يبدا بالتشخيص الصحيح للحرب، ويوضح لموقع سكاي نيوز عربية "اشعلت هذه الحرب لاعادة إنتاج نظام الإخوان للعلن بعد فشل كل محاولات إخماد ثورة ديسمبر وإعاقة التحول.. لذلك الحل يكون في اتحاد في الصف والهدف بين القوى السياسية الجادة وبما يؤدي إلى اقتلاع من تسببوا فيها".