يعلّق التونسيون أمالا عريضة على المجالس المحلية، لمعالجة الكثير من الملفات التي تهم المواطنين في ضوء التوترات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تعيشها البلاد مؤخرا، فيما يأتي الملف الاقتصادي وما يتعلق به من تداعيات على رأس أولوية عملها، على حد تقدير مراقبين.
وأغلقت لجان الاقتراع، مساء الأحد، أبوابها بعد انتهاء التونسيين من التصويت في الانتخابات التي جرت في 2155 دائرة للمرة الأولى بتاريخ البلاد.
وقال عضو الهيئة العليا للانتخابات، بلقاسم العياشي، الأحد، إن إجراء الدور الثاني لانتخابات المجالس المحلية سيتم في منتصف فبراير المقبل.
وأشار العياشي الى أن الهيئة ستقوم بإعلان النتائج النهائية لانتخابات الدور الأول للمجالس المحلية قبل انقضاء يناير 2024.
وأوضح أن المرشحين الذين لم ينالوا أغلبية الأصوات في عملية الاقتراع، يوم الأحد، سيشاركون في الدور الثاني من انتخابات المجالس المحلية التي من المتوقع أن تجري منتصف فبراير المقبل.
كيف ينظر الشارع التونسي للانتخابات المحلية؟
يقول الباحث والصحافي التونسي أيمن الزمالي لموقع "سكاي نيوز عربية" إن تركيز المؤسسات التي أقرّها دستور 2022 في تونس يتواصل وفق مقاربات جديدة قطعت مع سيطرة الحركة الإخوانية وأتباعها وحلفائها في تونس طيلة عشرية، استنزفت البلاد اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا.
وأضاف الزمالي: "ذهب التونسيون الأحد لمكاتب الاقتراع لانتخاب المجالس المحلية، هذه المجالس التي ستفوّض بينها أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم والذي يمثل الغرفة البرلمانية الثانية في تونس، وفق مقاربة تمكّن المهمشين والجهات الأقل حظا من أن يكون لها أصوات وممثلون في غرفة تشريعية ثانية تناقش القوانين التنموية وكل ما يتعلق بمسائل قانون المالية".
وبالنسبة للأولويات على أجندة عمل المجالس المحلية، يقول الزمالي: "ينتظر التونسيون من المجالس المحلية الانكباب على العمل لإيجاد تصورات تترجم المطالب المحلية، لإلحاق العمادات والمعتمديات التي تمثل أصغر تقسيم ترابي بالبلاد، خاصة تلك التي تعاني نسبا عالية من البطالة وقلة فرص التشغيل وغياب المرافق التنمية، بمثيلاتها المحظوظة تنمويا".
وتابع الزمالي قائلا: "الفلسفة في وضع هذه المجالس، تهدف إلى أن تنكب المحليات في بحث حلول من صلبها، لا تلك الحلول الفوقية التي أثبتت التجربة أنها تجانب الواقع والمطالب الملموسة للمواطنين".
ولأنها تجربة أولى من نوعها في تونس أن يتم انتخاب مجالس محلية، يرى الزمالي أن نسب الإقبال الضعيفة على مكاتب الاقتراع، تشير إلى عدم تمثل المواطنين لأهمية هذه المجالس المحلية إضافة الى تواصل ارتداد استقالة عموم الشعب التونسي من الانخراط في الشأن العام بسبب ما عاشته تونس خلال العشرية السابقة من تعامل مع المناصب العمومية كغنيمة شخصية وحزبية كبدت البلاد خسائر جمة، وسبب انتشار عدوى الفساد الذي نخر جميع المرافق والمجالات والحكم المحلي والمركزي أيضا.
أمال عريضة
اعتبر الخبير في الشؤون السياسية ورئيس منتدى تونس الحرة، حازم القصوري أن الانتخابات المحلية هي عنوان للديمقراطية التشاركية والمباشرة التي ستكون رافعة حقيقية للتنمية الشاملة في كامل ربوع الوطن وترجمة لمطالب الشعب التونسي منذ القرن التاسع عشر إلى اليوم.
وأوضح أن "العشرية السوداء كشفت ارتهانهم للخارج وعمالتهم وكانت الحركة التصحيحية التي أقدم عليها الرئيس قيس سعيّد تصب في خانة إرجاع السلطة الشعب التونسي والانحياز لتطلعاته في العمل والكرامة وسيادته على ثرواته وقراره السيادي".
وشدد القصوري على أن بلاده "تدخل مرحلة مفصلية من خلال تثبيت البناء الديمقراطي الذي أرساه دستور 2022 واستكمال مؤسساته الدستورية للتركيز على التنمية الشاملة وإرجاع الحقوق لصاحب السلطة الأصلية".