بات قطاع غزة في عام 2024 خاليا من نحو 200 معلم أثري وتراثي من أصل 325 موقعا تاريخيا، نتيجة التدمير الممنهج الذي يمارسه الجيش الإسرائيلي منذ عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر الماضي.
ووفق مصادر فلسطينية رسمية، فإن إسرائيل تتعمد تدمير المعالم الأثرية الفلسطينية بهدف طمس وتغيير هوية غزة، حيث دمرت خلال الحرب الحالية عشرات التلال والمتاحف التاريخية وأقدم المساجد وثالث أقدم كنيسة بالعالم، فضلا عن تضرر 146 بيتا قديما وعشرات المكتبات والمراكز الثقافية، وهو أمر يخالف اتفاقية لاهاي 1954 الدولية التي تستوجب حماية الملكية الثقافية في الحروب والنزاعات المسلحة.
قائمة بالمساجد والكنائس المدمرة
بدأت إسرائيل في هدم المساجد والكنائس التاريخية والأثرية منذ 19 أكتوبر الماضي، بحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
ووفق الدكتور عبد الهادي سعيد الأغا، وكيل وزارة الأوقاف، فقد تم تدمير واستهداف أكثر من 200 موقع تراثي وأثري، فضلا عن استهداف 117 مسجداً بشكل كلي، و208 مساجد بشكل جزئي، بينهم مساجد تاريخية، علاوة على كنائس يعود تاريخها إلى 2000 عام.
وضمت تلك القائمة:
- الكنيسة البيزنطية.. تعود إلى العهد البيزنطي وتقع في جباليا ويزيد عمرها على 1600 عام.
- المسجد العمري .. يعود إلى 1400 سنة، ويعد أقدم وأعرق مسجد في مدينة غزة.
- مسجد الخلفاء الراشدين، والشيخ شعبان، والظفر دمري في الشجاعية، وخليل الرحمن في منطقة عبسان، بالإضافة إلى مسجد "عثمان بن قشقار" بغزة ، وجامع الشيخ زكريا في الدرج وهو من القرن الخامس الهجري، وجامع الشمعة في حي البخارين، وجامع الشيخ عبد الله بحي التفاح، ومسجد بن عثمان المشيد في القرن الثامن الهجري.
- مسجد السيد هاشم .. يوجد به قبر جد الرسول محمد، هاشم بن عبد مناف، الذي ارتبط اسمه باسم المدينة ومسجد "الظفر الدمري" بالشجاعية.
- مقام الخضر في دير البلح .. أول دير مسيحي يُبنى بفلسطين على يد القديس هيلاريوس خلال الحقبة البيزنطية، وهو أقدم دير في فلسطين.
- كنيسة القديس برفيريوس للروم الأرثوذكس في حي الزيتون، وتعد ثالث أقدم كنيسة بالعالم وُبنيت عام 425.
ما أبرز المواقع الأثرية والحضارية المستهدفة؟
وبالنسبة للمواقع الأثرية والحضارية، فبحسب وزارة الثقافة الفلسطينية، فقد تم تدمير 9 دور نشر ومكتبات و21 مركزا ثقافيا، بينما تعرضت معظم أجزاء البلدة القديمة بغزة للتدمير بما في ذلك 20 من المباني التاريخية، أبرزها 3 استوديوهات وشركات إنتاج إعلامي وفني.
وتضم قائمة المراكز والمتاحف الحضارية المدمرة:
- قلعة برقوق .. إحدى أهم قلاع المماليك في فلسطين، ويعود تاريخها للقرن الرابع عشر الميلادي وتقع في خانيونس.
- قصر الباشا.. يعود تاريخه للقرن الثالث عشر ويسمى بقلعة الرضوان أو قلعة نابليون، وتم بناؤه من قبل السلطان ظاهر بيبرس.
- مبنى "سيباط "العلمي.. أنشئ عام 1806، و"حمام السمرة" ويعود تاريخه إلى السامريين عام 1320.
- بيت السقا الأثري بالشجاعية وبناه أحمد السقا في القرن الـ17، ويُعتبر أول منتدى اقتصادي في فلسطين.
- تل المنطار بغزة وتل السَّكن في الزهراء، وتبة 86 في القرارة، علاوة على تل رفح الأثري ويعود إلى عام 1400 قبل الميلاد.
- مقبرة دير البلح والمدرسة الكاملية، وسوق القيسارية بحي الدرج ويعود بناؤه للعصر المملوكي.
- تل العجول.. أحد أهم المناطق الأثرية بوادي غزة وقامت عليه مدينة بيت جلايم الكنعانية.
- متحف رفح وكان مقصدا لدارسي تاريخ غزة وتراثها، و"متحف خان يونس" ويضم قطعًا أثرية تعود إلى الحقبة البيزنطية والرومانية، ومتحف "القرارة" المشيد عام 1958 و"سبيل السلطان عبد الحميد"، و"متحف العقاد" الذي يضم آلاف القطع الأثرية.
- بيت الغصين.. أحد المباني التاريخية من القرن الـ18، وموقع البلاخية "ميناء الأنثيدون" شمال غزة القديمة.
- مركز المخطوطات والوثائق القديمة، والمركز الثقافي الأرثوذكسي في تل الهوا، ومبنى بلدية غزة الأثري.
- مركز غزة للثقافة والفنون، وجمعيتا ميلاد وأبناؤنا للتنمية، والمركز الثقافي الاجتماعي العربي، وجمعية حكاوي للمسرح.
- اقتلاع نحو 70 شجرة زيتون معمرة من منطقة الصفرة أعمارها حوالي 120 عاما، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية.
- مركز رشاد الشوا الثقافي ويعد من أهم المراكز الثقافية وتدمير منطقة الجندي المجهول بحي الرمال، ومبنى المجلس التشريعي لغزة.
لماذا تستهدف إسرائيل تاريخ غزة؟
بحسب وزارة الثقافة الفلسطينية، فإن "أصول بعض المواقع التراثية التي دمرها الجيش الإسرائيلي تعود إلى العصر الفينيقي، وبعضها إلى العصر الروماني، كما بينها من بُني قبل 1400 عام، وهو دليل على رسوخ حق فلسطين في أرضها التي تحاول إسرائيل تغيير معالمها بمحو تاريخها وتغيير الديمغرافيا".
أما المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، فيقول إن "إسرائيل تتعمد تدمير المعالم الأثرية الفلسطينية في استهداف صريح للإرث الحضاري الإنساني بما يخالف القانون الدولي الإنساني الذي يحظر الاستهداف المتعمد للمواقع الثقافية والدينية التي لا تشكل أهدافا عسكرية مشروعة ولا ضرورة عسكرية حتمية في كل الظروف".
وفي هذا الصدد، يقول الدكتور إيهاب بيسو، وزير الثقافة الفلسطينية الأسبق، إن القصف الإسرائيلي استهدف العديد من الأماكن الثقافية والتاريخية، والعديد من المكتبات العامة ومتاجر بيع الكتب، بهدف طمس تاريخ غزة لتفتيت الهوية الوطنية والتاريخية للمكان.
وقال مصطفى البرغوثي، الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن الجيش الإسرائيلي يطمس تاريخ غزة بتدمير معالمها التاريخية ويمارس عمليات سرقة ممنهجة عن طريق شركات تنقيب إسرائيلية"، ويضيف:
- شاهدنا خلال الحرب إسرائيل تدمير المساجد والكنائس العريقة والمتاحف لسرقة محتوياتها.
- الجيش الإسرائيلي يستهدف كل ما هو أثري وتاريخي بغزة كمحاولة يائسة لمسح التاريخ والحضارة الفلسطينية.
- الاعتداءات الإسرائيلية تمتد للضفة الغربية، فهناك بلدة سبسطية التي تعد من أكثر المناطق الأثرية أهمية تتعرض لسيطرة إسرائيلية ونهب متواصل.
- المسجد الأقصى من أهم المعالم الأثرية التي تم الاعتداء عليها لتدميره ويمثل هدفا متواصلا لإسرائيل.
- استهداف إسرائيل للمنشآت الأثرية دليل على سعيها لطمس هوية وتاريخ شعب بأكمله ويكشف خطتها التي تقوم على الإبادة والتطهير العرقي للفلسطينيين.