مع فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، يبرز مجلس صيانة الدستور عنصرًا حيويًا في تشكيل القيادة السياسية في إيران، فيما يعد رئيسه من أكثر الشخصيات تأثيرًا بعد المرشد الأعلى علي خامنئي، إذ يشغل منصبه منذ فترة طويلة ويعتبر من أطول السياسيين بقاءً في منصبه.
ويتركز دور المجلس في فحص المرشحين واستبعاد غير المؤهلين يجعل منه أداة قوية في يد القوى المحافظة والمرشد الأعلى، مما يضمن استمرار نفوذهم وسيطرتهم على النظام السياسي في البلاد.
فما هو مجلس صيانة الدستور؟
مجلس صيانة الدستور في إيران هو هيئة دستورية مسؤولة عن مراقبة الانتخابات وتفسير الدستور. تأسس المجلس عام 1980 ويعد أحد أهم الأجهزة السياسية في البلاد.
تكوين المجلس
يتألف المجلس من 12 عضوًا:
ستة فقهاء يتم تعيينهم مباشرة من قبل المرشد الأعلى.
ستة قانونيين يتم ترشيحهم من قبل رئيس السلطة القضائية وتصديقهم من قبل البرلمان (مجلس الشورى الإسلامي).
الحارس الأكبر.. رجل واحد على مدار ثلاثة عقود
يترأس أحمد جنتي مجلس صيانة الدستور منذ عام 1993، وكان عضوا به منذ تأسيسه 1980، وهو أحد فقهاء الحوزة العلمية بمدينة قم، وفضلا عن كونه مرجعا تقليديا للشيعة الإمامية، فهو أيضا خطيب الجمعة في طهران.
ويمثل جنتي صوتًا قويًا للقوى المحافظة في إيران، ويُعرف بمواقفه المتشددة تجاه القضايا الاجتماعية والسياسية. تحت قيادته، قام مجلس صيانة الدستور باستبعاد العديد من المرشحين الإصلاحيين والمعتدلين من الانتخابات، مما أثر بشكل كبير على السياسة الإيرانية.
وتعرّض جنتي للانتقادات من قبل الإصلاحيين والمجتمع الدولي بسبب موقفه الصارم من الحريات المدنية وحقوق الإنسان، ودوره في تقييد العملية الديمقراطية في إيران من خلال فحص أهلية المرشحين واستبعاد غير المرغوب فيهم من قبل القوى المحافظة.
دور المجلس في اختيار مرشحي الرئاسة
مع فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، يبدأ المجلس عملية فحص أهلية المرشحين. يتعين على المرشحين تقديم طلبات ترشحهم، ومن ثم يقوم المجلس بمراجعة خلفياتهم وسجلاتهم لضمان توافقها مع المعايير الدستورية والإيديولوجية للجمهورية الإسلامية.
المعايير والشروط
تتضمن المعايير التي يعتمدها المجلس ما يلي:
- الالتزام بالدستور الإيراني ومبادئ الثورة الإسلامية.
- السمعة الطيبة والسجل الجنائي النظيف.
- الخبرة والكفاءة في الإدارة والسياسة.
- الالتزام بالقيم الإسلامية والمحافظة عليها.
القوى المهيمنة على المجلس
بما أن نصف أعضاء المجلس يتم تعيينهم مباشرة من قبل المرشد الأعلى والنصف الآخر يتم اختيارهم من خلال عملية تتضمن البرلمان، فإن المجلس يميل إلى المحافظة والقوى الدينية التي تتماشى مع توجهات المرشد الأعلى. هذا الهيكل يضمن أن المجلس يخدم مصالح القوى المحافظة المهيمنة على السياسة الإيرانية.
التأثير السياسي
يمثل مجلس صيانة الدستور أداة فعالة بيد القوى المحافظة والمرشد الأعلى، حيث يمكنهم من خلال المجلس التحكم بمن يستطيع الترشح والوصول إلى المناصب العليا في الدولة. هذا النفوذ يضمن استمرار سيطرتهم على المشهد السياسي الإيراني، مما يحد من فرص المرشحين المعتدلين أو الإصلاحيين.
حالات استبعاد بارزة
في الانتخابات السابقة، قام المجلس باستبعاد عدد من المرشحين البارزين، منهم:
حسن روحاني: في الانتخابات الرئاسية لعام 2021، حيث تم استبعاده بسبب ما اعتبره المجلس عدم الالتزام الكامل بمبادئ الثورة الإسلامية والسياسات الاقتصادية التي أثارت انتقادات.
محمود أحمدي نجاد: في الانتخابات الرئاسية لعام 2017، تم استبعاده نتيجة للانتقادات السياسية والاقتصادية التي واجهها خلال فترتي رئاسته، بالإضافة إلى التوترات بينه وبين الفقهاء في المجلس.
علي لاريجاني: في انتخابات 2021، حيث تم استبعاد لاريجاني رغم تاريخه الطويل في المناصب الحكومية، وهو ما أثار جدلاً واسعاً حول معايير الاستبعاد التي يعتمدها المجلس.
إسحاق جهانغيري: النائب الأول للرئيس في عهد روحاني، استُبعد في انتخابات 2021، مما أظهر بوضوح توجه المجلس نحو تقليص فرص المعتدلين والإصلاحيين.
تساؤلات عن نزاهة العملية
تثير قرارات الاستبعاد المستمرة تساؤلات حول نزاهة العملية الانتخابية في إيران، حيث يرى بعض المراقبين أن المجلس يستخدم سلطته لتصفية الساحة السياسية من المنافسين غير المرغوب فيهم، مما يقلل من فرص التنافس الحقيقي ويعزز سيطرة القوى المحافظة.