مرت المصالحة الفلسطينية بمحطات عدة تعلقت فيها أمال الفلسطينيين على إمكانية التوصل إلى اتفاق وطني من شأنه إنهاء حالة الانقسام، غير أنها أن جميع المساعي فشلت، وبقت المصالحة بعيدة المنال.
وكان آخر هذه السماعي والتي تزامنت مع حرب غزة هي محاولات الالتئام الوطني والتي باءت أيضا بالفشل، فهل يلتئم الداخل الفلسطيني؟ أم أن الأمر بات مستحيلا؟
تضارب مصالح
يقول سياسيون وخبراء فلسطينيون تحدثوا لـ"سكاي نيوز عربية" إن تضارب المصالح وتمسك كل طرف بتحقيق أجندته الضيقة قد تسبب في تعميق الأزمة تزامنا مع الحرب الدائرة في غزة، دون مراعاة للواقع المأساوي للشعب الفلسطيني.
ويرى الدكتور أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس والقيادي بحركة فتح،أيمن الرقب، أنه من المعيب استمرار الانقسام الفلسطيني رغم كل هذه الدماء التي تنزف في قطاع غزة.
ويضيف الرقب في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية" أنه "كان هناك فرصة لإنهاء هذا الانقسام من خلال الاحتكام للديمقراطية للشعب الفلسطيني بإجراء الانتخابات في يناير عام2021، ولكن الرئيس أبو مازن أسقط ذلك عندما اعتبر أن عدم إجراء الانتخابات في القدس هي المعضلة وكان بالإمكان تجاوز ذلك".
ويعتبر الرقب أن عدم الوصول إلى الوحدة الفلسطينية يتمحور على عدة عوامل:
- الرئيس الفلسطيني أبو مازن الذي يضع بعد عثرات أمام تحقيق هذه المصالحة.
- شروط حركة حماس التي لا تريد أن تستحوذ مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية على السلطة، وقد كان بالإمكان تجاوز كل ذلك من خلال تشكيل الإطار القيادي لمنظمة التحرير الفلسطينية يشارك فيه الجميع، وأن يتم الاحتكام للديمقراطية لينتخب ممثلي الشعب الفلسطيني.
ويعتقد الرقب أنه إن لم يكن بمقدور الفلسطينيين إجراء انتخابات، فمن الأولى تشكيل إطار قيادة مؤقت يضم كل الفصائل دون استثناء، أو أن توضع آليات لإجراء انتخابات بطريقة أو بأخرى.
ويتوقع الرقب تأجيل ذلك الخيار نتيجة للحرب، ويرى أنه "من الأفضل تشكيل إطار مؤقت يمثل كل الفلسطينيين تحت شعار أن منظمة التحرير الفلسطينية هي البيت لكل فلسطيني، وهذا الإطار يمثل بدلا من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، فالكرة بصراحة في هذا القرار في ملعب رئيس السلطة أبو مازن وهو الذي يستطيع أن ينهي هذه الأزمة".
تصاعد التوترات الداخلية
يقول الرقب إن أبو مازن يعتبر ما حدث يوم 7 أكتوبر هو خارج عن العادة، وأنها حرب بين إسرائيل وحماس، وأبلغ ذلك في مكالمة بينه وبين رئيس فنزويلا.
كما أن كافة محاولات إحياء المصالحة سواء لقاءات موسكو أو لقاءات بكين كانت بلا نتائج، وبالتالي زادت الأمور سوءا وزاد التراشق الإعلامي خاصة بين ممثلين عن السلطة وحركة حماس.
تضارب المصالح
من جهته يرى المحلل السياسي الفلسطيني جهاد أبو لحية، أن المصالحة تحتاج إلى توفر شيء مهم وهو أن يتخلى قادة فتح وحماس عن مصلحتهم الضيقة والفئوية والنظر برؤية وطنية جامعة.
وبحسب أبو لحية، تصطدم كل خطوة من خطوات المصالحة ببعض العقبات التي يتم إنشاؤها من قبل الطرفين وذلك لإيجاد مبرر لهما أمام العالم في عدم المضي قدما في المصالحة وتنفيذ ما هو مطلوب منهم في أي اتفاق سواء في مصر أو قطر أو الجزائر أو تركيا.
ويرى المحلل الفلسطيني أن "ما يحدث هو بشكل مؤكد تضارب المصالح، حيث لا يرغب كل طرف منهما في التخلي عن المصالح التي حصل عليها نتيجة هذا الانقسام ويدفع شعبنا الفلسطيني وقضيتنا الثمن الكبير".
ويقول المحلل الفلسطيني: إنه "مع الأسف الشديد كنت أتوقع أن تكون حرب الإبادة الجماعية التي تمارس ضد شعبنا الفلسطيني هي التي قد تدفع بالطرفين للتخلي عن مصالحهما الضيقة والانغماس في إطار واحد موحد".
ماذا يتوجب على الفصائل فعله؟
يتحدث أبو لحية عن ما كان يجب أن يحصل مع بداية الحرب لتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية:
- دعوة الرئيس محمود عباس للإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية للانعقاد الفوري ويشمل حركتي حماس والجهاد.
- تمثيل الطرف الفلسطيني في المفاوضات مع الإسرائيليين من خلال منظمة التحرير بصفتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وليس تفرد حركتي حماس والجهاد بقرار التفاوض وعدم اهتمام السلطة بما يحدث بين الطرفين.
- قيام حكومة فلسطينية موحدة متفق عليها بين كافة الأطراف وتعمل لأهداف محددة في بدايتها المشاريع الإغاثية وتتولى بشكل فوري على كافة المساعدات الإنسانية والاغاثية لقطاع غزة، بما يضمن وصولها إلى كافة أبناء شعبنا الفلسطيني في القطاع دون تمييز بين أبناء فصيل عن ابناء فصيل آخر ووفق معايير محددة وشاملة.
كيف تفكر حماس؟
حاول موقع "سكاي نيوز عربية" التواصل مع عدد من قيادات حركة حماس ومسؤولين داخل اللجنة الإعلامية والسياسية لكنهم رفضوا جميعهم التعليق على الأمر.
لكن مصدر قريب من الحركة تحدث للموقع شريطة عدم ذكر اسمه، ولخص مجموعة من الأسباب التي تقف وراء رفض الحركة للمصالحة وهي :
- رفض حماس الإملاءات من جانب فتح والسلطة الفلسطينية مثل الاعتراف بالسلطة الإسرائيلية والاندماج تحت منظمة التحرير.
- تلويح سلطات الاحتلال مرارا لحركة فتح والسلطة الفلسطينية بأنها قد تقطع عنها التمويل حال تصالحت مع حماس وشكلت حكومة وحدة وطنية الأمر الذي يعيق المصالحة وتتخذه فتح كذريعة.
- ترفض حماس بعض الشروط من جانب فتح، مثل الاعتراف بسلطة الاحتلال أو الاندماج تحت عمل منظمة التحرير الفلسطينية بوضعها الحالي.
وبحسب المصدر تبدو المصالحة بالفعل بعيدة المنال لكن ربما تشهد التطورات الراهنة في ضوء الحرب في غزة ودعوات المصالحة من جانب الصين وروسيا انفراجة في الأزمة.