تعرض المجمع التجاري إخربان، الواقع في إقليم أزواد شمال مالي بالقرب من الحدود الجزائرية، لعدة ضربات جوية بواسطة طائرة مسيرة تابعة للجيش.
الهجمات استهدفت عيادة طبية متواضعة، مما أسفر عن مقتل صاحب العيادة وشخص آخر.
وبعد الهجوم الأول، تجمع عدد من الأطفال في مكان القصف، مما دفع الطائرة المسيرة للعودة وشن هجوم ثان عليهم.
ونتج عن هذا الهجوم مقتل 11 شخصا، غالبيتهم من الأطفال. وتشير بعض الشهادات إلى وجود ضحايا من جنسيات أخرى، بما في ذلك تشاد. وخلف القصف أيضا عددا من الجرحى، لكن العدد الدقيق لم يعرف بعد.
يأتي هذا الهجوم في سياق تصعيد مستمر منذ نهاية الشهر الماضي، بعد خسارة الجيش المالي وقوات فاغنر في معركة تنزاواتن الواقعة على الحدود مع الجزائر ضد قوات "الإطار الاستراتيجي الدائم للدفاع عن الشعب الأزوادي".
إثر هذه الخسائر، أصبحت المنطقة الحدودية القريبة من الجزائر هدفا للهجمات الجوية المالية، التي تستهدف المدنيين العزل تحت ذريعة أن "قوات أزواد تتمركز هناك.
يشير هذا التصعيد إلى زيادة العنف في منطقة كيدال منذ مايو الماضي، حيث ارتفع بنسبة تزيد عن 60 في المئة في يوليو مقارنة بشهر يونيو.
ومن المثير للقلق أن جزءا من هذا العنف يشمل استهداف المدنيين من قبل قوات فاغنر والقوات المسلحة المالية المشتركة، وخاصة ضد السكان الرحل في منطقة كيدال، وفقا لمركز "أفريقيا للدراسات الإستراتيجية".
وتمكنت الحركات الأزوادية من مواجهة مجموعة فاغنر والقوات المسلحة المالية بشكل فعال أثناء تقدمها نحو أقصى شمال تين زواتين، مما أدى إلى فرار العديد من الأشخاص من العمليات العسكرية.
منظمة إيموهاغ من أجل العدالة والشفافية اتهمت الجيش المالي وقوات فاغنر الروسية بارتكاب أعمال إبادة جماعية ضد المدنيين العزل في إقليم أزواد شمالي مالي.
ويقول المتحدث باسم منظمة إيموهاغ من أجل العدالة والشفافية، أيوب أغ شمد، لموقع "سكاي نيوز عربية": "الجيش المالي قصف إخربان يوم الأحد 25 أغسطس بعدة ضربات جوية بطائرة مسيرة، استهدفت إحداها عيادة طبية، مما أدى إلى مقتل صاحبها وعدد من الأطفال".
وأضاف أغ شمد أن "إخربان هي تجمع تجاري على الحدود المالية الجزائرية، حيث تنتشر المحال التجارية وتعد نقطة تهريب بين الجزائر وإقليم أزواد".
وتابع: "القصف، الذي نفذته طائرات درون تابعة للجيش المالي، أسفر عن مزيد من الضحايا، حيث يقدر العدد حتى الآن بنحو 15 قتيلا، غالبيتهم من الأطفال".
وأوضح: "الهجوم على بعد أمتار قليلة من الأراضي الجزائرية يعد رسالة استفزازية من المجلس الانقلابي في مالي إلى الجزائر، ويشكل تهديدا مباشرا لمواطنيها على الحدود".
وأبرز: "التصعيد العسكري في المنطقة يعكس خطورة الوضع ويزيد من مخاطر الأمن على الحدود الجزائرية".
شهادات عن "انتهاكات خطيرة"
وسبق لمنظمة هيومن رايتس ووتش أن أفادت بأن القوات المسلحة المالية ومقاتلي فاغنر ارتكبوا عمليات قتل غير قانونية وإعدامات بإجراءات موجزة لعشرات المدنيين خلال عمليات مكافحة التمرد في مناطق الوسط والشمال من مالي منذ ديسمبر 2023.
هيومن رايتس ووتش أجرت مقابلات مع 31 شخصا على دراية بالحوادث في وسط وشمال مالي، وشملت 20 شاهدا على الانتهاكات، بالإضافة إلى قادة المجتمع والناشطين وممثلي المنظمات الدولية والصحفيين والأكاديميين.
وفي الأول من مارس، أرسلت المنظمة رسائل إلى وزيري العدل والدفاع في مالي لتوضيح النتائج والاستفسار عن الانتهاكات المزعومة، ولكن لم تتلقَ ردودا.
وتشير شهادات العيان إلى وقوع انتهاكات خطيرة ارتكبتها القوات المسلحة المالية ومجموعة فاغنر، وهي شركة أمنية عسكرية مرتبطة بروسيا، خلال عمليات مكافحة التمرد ضد الجماعات المسلحة المتشددة في عدة مناطق، بما في ذلك قرى أتارا، دكا سيبي، ديورا، وأورو فير.
السيطرة على المنطقة الفاصلة بين مالي والجزائر
ويوضح الباحث في الشؤون الأفريقية بجامعة باماكو، محمد أغ إسماعيل، أن "الجيش المالي يهدف إلى السيطرة على المنطقة الفاصلة بين مالي والجزائر لتحقيق السيطرة الكاملة على الحدود، وهي منطقة خضعت لعدم السيطرة من باماكو منذ حوالي 12 عاما"، مضيفا:
- السيطرة على مدينة تنزاواتن ومنطقة إنافارق ستمكن الجيش المالي من قطع الطرق أمام الفارين وضمان السيطرة الكاملة على الحركة عبر هذه النقاط الاستراتيجية.
- هذه السيطرة ستكون لها تداعيات كبيرة على الوضع الإستراتيجي في المنطقة، حيث تعزز النفوذ العسكري للجيش المالي وتزيد من قدرته على التحكم في الوضع الأمني.
- تأمين الحدود مع الجزائر يوفر للجيش المالي نفوذا استراتيجيا إضافيا، ويسمح له بإحكام السيطرة على الوضع الأمني في المنطقة، ويعمل على تضييق الخناق على الحركات الأزوادية، كما يساهم هذا الإجراء في قطع جزء من تمويل الحركات.