مع احتدام المعارك في إقليم دارفور غربي السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، واستمرار النزوح القسري من المنطقة، تتفاقم أزمة اللاجئين السودانيين في مخيمات داخل تشاد مع تراجع الإغاثة الدولية اللازمة لهم.
وفي تقييمهم للوضع، يتهم محللون سياسيون سودانيون أطرافا دولية بما وصفوه "ازدواجية المعايير" في التعامل مع اللاجئين السودانيين ونظرائهم الأوكرانيين، سواء من حيث حجم المساعدات المقدمة لهم، أو عبر استقبالهم في أوروبا.
وتجدد القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع بمدينة الفاشر في دارفور، 10 مايو الجاري، مما أدى لفرار الكثيرين من مناطق أخرى في الإقليم إلى خارج الحدود.
وسبق أن حذر برنامج الأغذية العالمي، في مارس الماضي، من أن المساعدات الغذائية المقدمة لمئات آلاف اللاجئين السودانيين في تشاد، وبعضهم على شفا المجاعة، ستتوقف خلال أسابيع ما لم يقدم التمويل اللازم.
"ازدواجية المعايير"
وشهدت الساعات الماضية حالة من الغضب العارم داخل مخيمات اللاجئين السودانيين على الحدود مع تشاد، نتيجة توقف الدعم الإنساني من جانب الأمم المتحدة مع زيادة معاناتهم من الجوع والحر.
ويقول المحلل السياسي السوداني السماني عوض الله، لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن السودانيين هناك "يعانون وضعا إنسانيا صعبا يتطلب سرعة المساعدة الدولية، بعدما انقطع الدعم المحدود المقدم من الأمم المتحدة بشكل كامل، بحجة نقص التمويل".
وينتقد عوض الله ما وصفها بـ"ازدواجية المعايير" في التعامل مع اللاجئين، قائلا إنه "في المقابل، ورغم الوضع في أوكرانيا ليس بنفس الصعوبة كما هو في السودان، فإن الولايات المتحدة وأوروبا تنخرطان في منافسة هناك لتقديم المساعدات".
ويضيف أن "الغرب تفاخر بقبول اللاجئين الأوكرانيين ودخولهم إلى أراضيه، حيث أعلنت بولندا وحدها استقبال أكثر من 10 ملايين و177 ألف لاجئ، ومع ذلك يصبح الموقف مختلفا تماما عندما يتعلق الأمر باللاجئين السودانيين، حيث تنظر رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، إلى دخولهم إلى أوروبا بقلق، بعد وصول نحو 6 آلاف لاجئ سوداني إلى إيطاليا".
القتال يستعر
وعلى وقع المعارك في السودان، قال وزير الخارجية البريطاني دافيد كاميرون، مطلع الأسبوع الجاري، إن العنف في ولاية دارفور غربا، بما في ذلك الهجمات الممنهجة ضد المدنيين، قد يصل إلى حد الجرائم ضد الإنسانية.
ومنذ أسابيع، تحاصر قوات الدعم السريع مدينة الفاشر مركز ولاية شمال دارفور والعاصمة التاريخية للإقليم، وتسعى للسيطرة عليها كونها آخر معاقل الجيش في الإقليم.
وفي تقدير الباحث السوداني المتخصص في شؤون إفريقيا عبد اللطيف النعيم، فإن "المعادلة العسكرية الآن في السودان أصبحت صفرية، ولن يتم التوصل إلى هدنة نتيجة تعنت الطرفين، فكل منهما يعلم أن خسارته الحرب هي نهايته، وهذا ما فاقم من الدمار والنزوح في السودان".
ورصد التطورات لـ"سكاي نيوز عربية"، قائلا إنه "خلال الساعات الماضية شن الجيش غارات جوية مكثفة استهدفت عدة مواقع حول مصفاة النفط الرئيسية بمنطقة الجيلي شمال العاصمة الخرطوم، في ظل الوضع الاقتصادي المتأزم".
ومع تعقد المشهد السوداني، يشير الباحث السوداني إلى أن أي حديث عن حلول في السودان الآن "تتحكم فيها أطراف دولية، من دون الالتفات لمصالح الشعب أو مصيره الذي أصبح مجهولا".
ووفقا لتقرير صدر عن الأمم المتحدة مايو الجاري، فإن 17.7 مليون شخص، أي أكثر من ثلث سكان البلاد، يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، من بينهم 4.9 مليون شخص على حافة المجاعة.
وأشار التقرير إلى فرار أكثر من 8.6 مليون شخص، نحو 16 بالمئة من إجمالي سكان البلاد، من منازلهم منذ بدء النزاع.