تشهد محافظة صفاقس وسط تونس احتجاجات متواترة للأهالي من أجل المطالبة بالإجلاء السريع لآلاف المهاجرين غير الشرعيين القادمين من جنوب الصحراء.
ويحتج سكان مناطق المساترية والعامرة واللوزة وجبنيانة وغيرها من المناطق الزراعية بمحافظة صفاقس على خلفية إعتداء عدد من المهاجرين على ممتلكاتهم الخاصة وإقامة الآلاف منهم للملاجىء والمخيمات داخل حقول الزيتون والمزارع.
وتشير شهادات السكان إلى أنهم لم يتمكنوا من دخول مزارعهم لجني المحاصيل أو العناية بالأشجار بسبب انتشار أكثر من 20 ألف مهاجر في مخيمات مؤقتة على امتداد الحقول فضلا عن شكواهم من السطو على ممتلكاتهم الخاصة ومواشيهم ومن تضرر قنوات الأشغال العامة التي حولها المهاجرون إلى دعائم لأكواخهم المؤقتة.
هذا ويرابط آلاف المهاجرين القادمين من دول إفريقيا جنوب الصحراء في صفاقس في انتظار فرصة عبور البحر خلسة نحو الضفاف الأوروبية للبحر الأبيض المتوسط، حيث تعد المدينة المطلَّة على المتوسط من أهم نقاط انطلاق قوارب الهجرة غير النظامية.
التوطين مرفوض..
وأكد المدير العام للهلال الأحمر بصفاقس، أنس الحكيم، أن أعداد المهاجرين في ارتفاع متواصل وأنهم في المنظمة يتفهمون تخوف الأهالي في الجهة ولا يشجعون على توطين المهاجرين في تونس بل يتولون القيام بحملات في صفوفهم من أجل تسهيل عودتهم الطوعية إلى بلدانهم الأصلية.
وقال الحكيم إنهم ساعون للعمل على تخفيض الضغوط المسلَّطة على سكان المنطقة بتقديم الدعم المادي واللوجستي للراغبين بالبقاء في تونس من مهاجري دول إفريقيا جنوب الصحراء، مع التعهد بإيوائهم في مراكز مؤقتة في انتظار إيجاد حلول لملف الهجرة، سواء على المستوى المحلي، أو على مستوى مذكرة التفاهم مع بلدان الاتحاد الأوروبي.
وأوضح الحكيم، في تصريحات لموقع سكاي نيوز عربية، أنهم يتدخلون في الدعم الإنساني للمهاجرين من خلال توفير الرعاية الصحية والإعاشة، فيما تتولى المنظمة الدولية للهجرة تقديم أموال للمهاجرين الذين يستجيبون للعودة الطوعية إلى بلدانهم، مشيرا إلى أن أكثر من 2000 مهاجر كانوا في صفاقس استجابوا للعودة الطوعية إلى بلدانهم منذ 26 سبتمبر الماضي.
الأمن في مواجهة تدفقات المهاجرين
من جهة أخرى، تنقل وفد من البرلمان يوم الأحد إلى محافظة صفاقس تفاعلا مع احتجاجات الأهالي بسبب الوجود المكثف للمهاجرين غير النظاميين وتعهد بإعداد تقاريره وتوجيهها إلى السلطة العليا، حيث قال النائب عادل الضياف في تصريحات إعلامية "إنهم وقفوا على التدفق غير المسبوق للمهاجرين الذي أرق الأهالي وصعّب حياتهم اليومية وجعلهم غير آمنين في منطقتهم"، منوها إلى أن حل الأزمة لن يكون تونسيا فقط بل إقليميا ودوليا.
وفي سياق ذلك، أعلنت وزارة الداخلية في بيان لها أنها نفّذت "عمليات أمنية للتصدي للاعتداءات على الأمن العام وحماية الممتلكات العامة والخاصة وفرض إحترام القانُون والنظام العام" ونشرت فيديو يوضح إخلاء قواتها لحدائق ومرافق عامة من مئات المهاجرين.
تحذيرات من المساس بحقوق المهاجرين
في المقابل خلف التعامل الأمني مع أزمة المهاجرين في تونس استياء المنظمات الحقوقية المعنية بقضايا الهجرة التي اعتبرت أن إجلاءهم من داخل المدن للعيش في الخلاء هو تعامل لا إنساني كما حذرت من تجميع المهاجرين في محتشدات أو معاملتهم بشكل عنصري أو قمعي تنفيذا لما يطلبه الأوروبيون.
ودعا رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان مصطفى عبد الكبير إلى أن تكون حلول معالجة قضايا الهجرة متوافقة مع التشريعات الوطنية والمعاهدات الدولية وأن تنظر للأزمة من جانبها الإنساني قبل السياسي.
فيما طالب منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بوقف مسارات التعاون غير العادل في قضايا الهجرة التي جعلت حقوق وكرامة المهاجرين في تونس في مزاد الدعم المالي والسياسي وفق نص بيانه، مشددا على ضرورة الاتجاه نحو سياسات بديلة وحلول مستدامة تحمي الحقوق وتتفادى المقاربات العنصرية.
وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس التونسي قيس سعيد كان قد دعا في أعقاب لقاء جمعه برئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني إلى اعتماد مقاربة جماعية لمسألة الهجرة ومحاربة شبكات المتاجرة بالبشر والأعضاء في جنوب المتوسط وشماله، مؤكدا أن تونس بذلت جهودا كبيرة لرعاية المهاجرين غير النظاميين، لكن لا يمكنها كأي دولة تقوم على القانون أن تقبل بأوضاع غير قانونية على أراضيها.