شكلت واقعة العثور على طفل مقتول بطريقة بشعة في قرية تابعة لمقاطعة شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية حالة من الذعر في المجتمع المصري، خاصة مع ارتباطها بما يعرف بالإنترنت المظلم.
والإنترنت المظلم هو جزء من الإنترنت الذي لا يمكن الوصول إليه عبر المتصفحات العادية مثل جوجل أو فايرفوكس، لكنه يستخدم شبكات خاصة مثل شبكة "تور" بهدف توفير الخصوصية والتشفير، مما يجعل من الصعب تتبع الأنشطة على هذه الشبكات والتي تستخدم بشكل رئيسي في الممارسات غير القانونية مثل بيع وشراء المخدرات والأسلحة غير المشروعة وغيرها من الأنشطة غير القانونية.
ففي حادثة طفل شبرا كان محرك الجريمة الأساسي مصري مقيم بدولة الكويت، تجاوز الخامسة عشر من عمره بقليل، وأراد بيع مقاطع فيديو على الإنترت المظلم، فكلف مرتكب الواقعة بقتل الطفل ونزع أحشائه وتصوير المشهد مقابل 5 ملايين جنيه وادعي أن الغرض سرقة أعضاء الضحية، لكن وبعد تنفيذ العملية طلب من منفذها تكرارها مع طفل آخر إلا أن إلقاء القبض على منفذ الجريمة حال دون ذلك.
الهدف: "فيديو عنيف"
التحقيقات كشفت أن من طلب تنفيذ الجريمة لم يكن هدفه سرقة الأعضاء البشرية وإنما بيع مشاهد القتل والتقطيع عبر الإنترنت المظلم مقابل مبالغ مالية.
ولا يمكن بيع أو بث هذه المشاهد العنيفة عبر شبكة الإنترنت العادية في ظل تجريم ذلك قانونيا ما يدفع المتورطين في استخدامها إلى اللجوء إلى التجارة غير المشروعة عبر وسائل سرية يكفلها الإنترنت المظلم.
الإنترنت المظلم
تفاصيل الجريمة أعادت التساؤلات بشأن مخاطر الإنترنت المظلم والذي يثير حالة من الخوف حتى في صفوف مستخدميه، خاصة وأن هذه الجريمة هي الأولى من نوعها في مصر المرتبطة بالدارك ويب.
فأحد أبرز المخاطر التي يمثلها الويب المظلم هو تسهيله لتجارة المواد غير القانونية مثل المخدرات، الأسلحة، والمواد الإباحية المحظورة.
هذه الأنشطة لا تجد فقط ملاذا آمن في ظل السرية التي يوفرها، بل تستفيد أيضًا من الأنظمة المعقدة للدفع الرقمي مثل العملات المشفرة لإتمام الصفقات دون ترك أثر يمكن تتبعه.
كما يُستغل الويب المظلم في الاتجار بالبشر وغيره من الجرائم مثل الابتزاز الإلكتروني وتجارة الأعضاء البشرية، مما يشكل خطرًا كبيرًا على الأمن العام والصحة العالمية.
المنصات التي تعمل على الويب المظلم غالبًا ما تكون محصنة ضد جهود التتبع والإغلاق، مما يجعل من الصعب على السلطات مكافحة هذه الأنشطة.
ويعد الإنترنت المظلم مكانا مناسبا للمحتالين والقراصنة الذين يبيعون أو يشترون المعلومات الشخصية المسروقة، بما في ذلك بيانات البطاقات الائتمانية والهويات الشخصية وغيرها من الأنشطة التي تهدد الخصوصية الشخصية والأمن المالي للأفراد على نطاق واسع.
ومن المخاطر الأخرى المتصلة بالويب المظلم، إمكانية استخدامه كمنصة للتخطيط لأعمال إرهابية، حيث يتمكن الإرهابيون من التواصل والتخطيط بسرية تامة، هذا يشكل تحديًا كبيرًا لأجهزة الأمن الوطني والدولي في مكافحة الإرهاب.
تحديات عديدة يطرحها الويب المظلم تتطلب حالة من الوعي بمخاطره وتعزيز القوانين التي تحكم استخدامه وتوفير الوسائل التي تمكن من تتبع الأنشطة الإجرامية المرتبطة به دون المساس بالحقوق والحريات العامة.
كما تكشف هذه القضايا عن مدى الخطر الذي يحدق بالأطفال جراء استخدام الإنترنت المظلم دون رقابة أو وعي كافيين، ما يجعلهم يتورطون في وقائع لا قبل لهم بها تشكل في كثير من الأحيان حالة من الصدمة في المجتمع.