في تطور جديد على صعيد القضية الفلسطينية، أثار الرئيس الأميركي دونالد ترامب قضية نقل الفلسطينيين من قطاع غزة إلى دول أخرى، في خطوة تعتبر بمثابة عرض سياسي تتجاوز حدوده السياسية التقليدية، متسائلًا عن إمكانية قبول مصر والأردن لهذه الخطة.
وبالرغم من أنها تمثل تصعيدًا للخطاب السياسي الأميركي في المنطقة، إلا أن هذه التصريحات تفتح المجال لمناقشة أعمق حول تداعيات هذه الخطة على مستوى السياسة الإقليمية والفلسطينية.
تصريحات ترامب وتحولات السياسة الأميركية
تصريحات الرئيس ترامب تأتي في إطار سعي إدارته لإيجاد حل للقضية الفلسطينية، ويبدو أن خطته تتضمن توطين الفلسطينيين في دول عربية بديلة، تحديدًا مصر والأردن.
هذا الطرح يثير تساؤلات حول مستقبل العلاقات الفلسطينية العربية، وأهمية ردود الأفعال من الدول المعنية مثل مصر والأردن.
وفقًا لأستاذ العلاقات الدولية الدكتور طارق فهمي "هذه التصريحات ليست مفاجئة في سياق السياسة الأميركية الراهنة، التي لطالما حاولت فرض حلولا غير تقليدية، في إطار محاولات لتغيير موازين القوى في المنطقة".
يرى فهمي أن الولايات المتحدة ترغب في تعديل المعادلة في غزة والمنطقة بشكل عام، ويعتبر أن عرض توطين الفلسطينيين في دول أخرى هو بمثابة خطوة غير واقعية، لكنها تمثل تحديا حقيقيًا للمواقف العربية التقليدية.
ردود الفعل العربية
يبدو أن مصر والأردن في موقف حاسم أمام هذه الدعوات الأميركية. ترفض القاهرة بشدة أي خطة توطين للفلسطينيين خارج حدود فلسطين.
وفي هذا السياق، يقول الدكتور طارق فهمي: "مصر تعتبر أن أي حل من هذا القبيل يهدد الأمن القومي المصري، خاصة وأنها تمثل نقطة وصل جغرافية مع غزة." فهي ترى أن هذا النوع من الحلول سيخلق ضغطًا اجتماعيًا وديمغرافيًا في المنطقة.
أما الأردن، فقد أبدى معارضة قوية للمقترح، معتبرًا أن قبول مثل هذه الخطة قد يؤدي إلى تغيير هويته الديمغرافية بشكل جذري.
في هذا الصدد، يؤكد المستشار السابق في وزارة الدفاع الإسرائيلية، ألون أفيتار: "الأردن لن يقبل بتوطين الفلسطينيين، لأنه يعتقد أن ذلك قد يهدد استقراره الداخلي. في المقابل، يشهد الموقف الأردني دعمًا من المجتمع الدولي بشأن حق العودة للفلسطينيين".
الجانب الفلسطيني.. توطين أم حق العودة؟
من جهة أخرى، أشار وزير شؤون الأسرى الفلسطينيين الأسبق، أشرف العجرمي، إلى أن "المقترح الأميركي يشكل اعتداءً مباشرًا على الحقوق الفلسطينية، ويعد التفافًا على حق العودة".
وأضاف العجرمي أن الفلسطينيين لطالما ناضلوا من أجل إقامة دولتهم المستقلة، وأن أي محاولة لتوطينهم في دول أخرى لن تجلب سوى المزيد من التوترات.
التداعيات الإقليمية
ما يُثير القلق حول هذه الخطة هو تداعياتها السياسية والحقوقية على المدى الطويل. من ناحية، إذا وافقت مصر والأردن على مثل هذه الخطة، فقد يتغير شكل العلاقات الإقليمية بشكل جذري.
ولكن من ناحية أخرى، تظل هذه الخطة مشكوكا في قابليتها للتنفيذ بالنظر إلى المواقف الحازمة التي أظهرتها كل من القاهرة وعمان، بالإضافة إلى الردود العميقة من المجتمع الفلسطيني والدول العربية الأخرى.
من خلال مواقف أستاذ العلاقات الدولية الدكتور طارق فهمي، يتبين أن الولايات المتحدة تحاول تحريك المياه الراكدة في المفاوضات عبر هذه التصريحات، لكنها قد تخلق صراعًا جديدًا بين الدول العربية، والولايات المتحدة، والفلسطينيين.
رفض فلسطيني وعربي لخطة ترامب
في النهاية، تمثل التصريحات الأميركية المتعلقة بنقل الفلسطينيين من غزة إلى دول أخرى اختبارًا خطيرًا للعلاقات العربية الفلسطينية الأميركية.
وتشير التوقعات إلى أن مصر والأردن لن تقبلا بتطبيق هذه الخطة، في ظل موقفهما الثابت من الحقوق الفلسطينية.
وبالرغم من أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تغييرات في الواقع السياسي الإقليمي، فإنها تبقى في إطار التحركات التكتيكية التي قد تفضي إلى مزيد من التوترات السياسية في المنطقة.