في ظل تصاعد الأحداث في قطاع غزة، يتسارع النقاش حول الحلول المطروحة لإنهاء الأزمة، بما في ذلك اقتراح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن تهجير سكان غزة إلى دول مجاورة.
وفي هذا السياق، شهدنا تصريحات من شخصيات سياسية وأكاديمية تبرز مواقف مختلفة تجاه هذا الاقتراح، مع تركيز خاص على رد الفعل الأردني وعودة النازحين إلى شمال غزة.
تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن "نقل سكان غزة إلى خارج القطاع" أثارت موجة من الجدل، حيث يرى ترامب أن هذه الخطوة قد تساهم في تسهيل عملية إعادة إعمار القطاع بعد تدميره الكبير بسبب العمليات العسكرية.
ترامب اعتبر أن إخلاء غزة من مليون إلى مليون ونصف من السكان سيخفف من الضغوط ويتيح المجال لإعادة بناء المنطقة بما في ذلك تحويل القطاع إلى منطقة سياحية أو اقتصادية.
إلا أن هذا الطرح لاقى رفضا من العديد من الأطراف الإقليمية والدولية. حيث اعتبر أستاذ العلوم السياسية، خالد شنيكات، أن هذا المقترح قد يكون جزءاً من محاولة لتصفية القضية الفلسطينية.
وأشار شنيكات خلال حديثه لسكاي نيوز عربية إلى أن "التهجير ليس حلاً، بل هو استمرار لمحاولات إيجاد حلول على حساب الشعب الفلسطيني"، مشيراً إلى أن الحل الصحيح يكمن في "ضمان حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني داخل أراضيه، سواء في غزة أو الضفة الغربية".
الرد الأردني على المقترح
في هذا السياق، جاء رد الأردن الرسمي على المقترح الأميركي ليؤكد موقفه الثابت من القضية الفلسطينية. وقد أكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في تصريحاته أن "غزة هي قضية سياسية وإنسانية، ولا يمكن حلها بتهجير الفلسطينيين إلى خارج أراضيهم".
وأضاف أن الحل يجب أن يكون داخل الأراضي الفلسطينية نفسها، وأن "تكرار نموذج تهجير سكان غزة إلى دول أخرى قد يفتح الباب أمام تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية في المستقبل، ما قد يؤدي إلى تصفية القضية الفلسطينية".
وأشار شنيكات إلى أن موقف الأردن يعكس التزامه بالقضية الفلسطينية وأنه لا يزال يرفض محاولات بعض القوى الدولية لتغيير الواقع بشكل أحادي، مشدداً على أن الشعب الفلسطيني هو الذي يجب أن يحدد مصيره بنفسه.
عودة النازحين إلى شمال غزة
في الوقت الذي تتصاعد فيه النقاشات السياسية حول مستقبل غزة، ظهرت ملامح واضحة لموجة من العودة الجماعية لمئات الآلاف من سكان شمال غزة إلى مناطقهم المدمرة.
رغم التقارير التي تشير إلى أن شمال القطاع تعرض لدمار شبه كامل، مع تقديرات تشير إلى أن حوالي 90% من المنطقة قد دُمّرت، إلا أن العديد من السكان بدأوا بالعودة إلى هذه المناطق.
يبدو أن العودة إلى شمال غزة تأتي نتيجة لإصرار السكان على العودة إلى أراضيهم، وهو ما يعكس تمسكهم بالأرض رغم الأوضاع المعيشية الصعبة.
كما أشار الكاتب والباحث السياسي خليل شاهين إلى أن "ما نشهده الآن من عودة السكان إلى الشمال هو تعبير عن إصرار الفلسطينيين على التمسك بالأرض وعدم الرغبة في الهجرة، مهما كانت الظروف".
وأضاف شاهين خلال حديثه لسكاي نيوز عربية، أنه "على الرغم من الخراب الكبير، فإن الفلسطينيين يرفضون فكرة الرحيل، ويؤكدون بذلك إصرارهم على العيش على أرضهم حتى لو كانت مدمرة".
التحديات والفرص في عملية إعادة الإعمار
تزامن هذا التدفق الكبير للسكان العائدين مع الدعوات الدولية لإعادة إعمار غزة وتقديم الدعم الإنساني. إلا أن العملية تبدو معقدة في ظل الدمار الهائل الذي خلفته الحرب، ما يتطلب جهودا دولية منسقة لدعم عملية الإعمار بشكل مستدام.
في هذا السياق، أكد شنيكات أن "إعادة إعمار غزة يتطلب تعاونا دوليا لضمان توفير سبل العيش ودعم وقف إطلاق النار، مع ضرورة أن تكون إعادة البناء في سياق حل سياسي شامل يضمن حقوق الفلسطينيين".
وبينما يظل الوضع في غزة معقدا، تتباين الآراء حول سبل التعامل مع الأزمة. من جهة، لا يبدو أن الشعب الفلسطيني يقبل أي حلول تستهدف تهجيره أو تغيير هويته الوطنية، كما أكد العديد من المحللين والمختصين.
ومن جهة أخرى، تظل عملية إعادة الإعمار والعودة إلى الشمال تتطلب جهودا كبيرة على الصعيدين الإنساني والسياسي.
وفي النهاية، يبقى الحل الأهم في ضمان حقوق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم على أراضيهم، بعيداً عن أي محاولات لتصفية القضية الفلسطينية تحت مسميات مختلفة.