في ظل التطورات الأخيرة في السياسة الأمريكية تجاه إيران، يبرز تأكيد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على تفضيله للحل الدبلوماسي على الحل العسكري في التعامل مع الملف الإيراني.
ففي حديثه عن السياسة الأميركية تجاه إيران، أكد محلل الشؤون الأميركية في "سكاي نيوز عربية"، موفق حرب، أن الرئيس ترامب يمتلك خلفية واسعة حول الملف الإيراني، مستشهدا بقراره الحاسم الذي اتخذ في فترة رئاسته الأولى باغتيال قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني.
حرب أشار إلى أن ترامب، رغم اتخاذه هذه الخطوة العسكرية، كان دوماً يؤكد في تصريحاته على رغبته في إيجاد حلول دبلوماسية. وهو يفضل، كما قال حرب، أن يكون "صانع سلام" ويعمل على إتمام صفقات بدل من التصعيد العسكري مع إيران.
وأضاف حرب أن إيران اليوم في وضع اقتصادي وعسكري صعب، وهو ما يجعل ترامب يعتقد أنه قد يكون الوقت مناسباً لعقد صفقة مع طهران.
يرى ترامب، الذي يحب الصفقات وفقاً لما ذكره حرب، أن إيران في وضع ضعيف الآن مما يعزز فرص التوصل إلى اتفاقات دبلوماسية بدلاً من خوض صراع عسكري.
حرب أوضح أن الأوراق التي كانت تمثل قوة لإيران، مثل نفوذها في المنطقة عبر حلفائها وأذرعها العسكرية، أصبحت أقل قوة حالياً بسبب الأوضاع في سوريا والعراق ولبنان، مما يجعل الخيار الدبلوماسي أكثر جذباً للجانب الأميركي.
ردود فعل إيرانية ومواقف داخلية
من جهة أخرى، في مقابلة مع رئيس تحرير صحيفة "إيران دبلوماتيك"، عماد أبشناس، تناول تحليل آخر للواقع الإيراني في ظل توجهات ترامب.
أبشناس أكد أن إيران لا ترى نفسها في موقع الضعف الذي يوحي به الغرب، مشيراً إلى أن إيران قد نجحت في استخدام صواريخها ضد إسرائيل وأثبتت قدرتها على الدفاع عن نفسها دون الحاجة لحلفائها في المنطقة. هذه النقطة تعكس موقف إيران المستمر في إظهار قوتها العسكرية في مواجهة التهديدات.
لكن أبشناس أضاف أن هناك اتصالات غير مباشرة بين إيران وفريق ترامب، خاصة في الفترة التي سبقت وصوله إلى البيت الأبيض، مما قد يعكس رغبة إيرانية في تجنب التصعيد العسكري والتركيز على تسوية سياسية.
وفي هذا السياق، يمكن للولايات المتحدة أن تقدم امتيازات كبيرة لإيران، شرط أن تلتزم طهران بالاتفاق النووي وألا تصعد في المنطقة. ومع ذلك، شدد أبشناس على أن إيران ترغب في "اتفاق" شامل وليس مجرد تفاهمات.
مستقبل التفاوض الأميركي الإيراني
وتتضح الصورة في سياق تصريحات ترامب وأبشناس عن مسعى الرئيس الأميركي لتقديم "صفقة شاملة" مع إيران، وليس مجرد اتفاق جزئي كما حدث في عهد أوباما.
يوضح حرب أن ترامب يسعى لأن يحقق مكاسب تاريخية في سياق العلاقات مع إيران، معترفاً في الوقت ذاته بأن تفاصيل الصفقة ستكون معقدة.
بينما يرى أبشناس أن إيران مستعدة للمفاوضات ولكن بشروطها الخاصة التي تتضمن أن تكون مفاوضاتها مع الغرب بعيدة عن أي تدخل في شؤونها الإقليمية.
ويبدو أن ترامب يفضل تقديم عرض دبلوماسي لإيران في ظل الظروف الحالية، وهو ما قد يعيد تشكيل العلاقة بين البلدين بعد سنوات من التوتر والصراع. هذا المسار يعتمد بشكل كبير على قدرة كل من واشنطن وطهران على تقديم تنازلات والتوصل إلى تسوية تلبي مصالح الطرفين، وهو ما يبقى في انتظار المزيد من المفاوضات والاتصالات السياسية المكثفة.