لم يعد قطاع غزة كما كان قبل الحرب الأخيرة، فقد قلبت أشهر من القتال الطويل كل شيء رأسًا على عقب. مدن القطاع الساحلية التي كانت يومًا ما تنبض بالحياة، تحولت إلى مدن أشباح، يلفها الدمار ويخيم عليها مشهد الركام الذي يغطي الطرقات والمباني.

قبل السابع من أكتوبر، كانت غزة تعاني من حصار خانق، إلا أن شوارعها وأسواقها كانت تشهد حركة مستمرة. صورٌ التقطتها وكالة "أسوشيتد برس" بطائرات مسيرة أظهرت شواطئ القطاع وشوارعه مكتظة بالمارة، ومبانيه تعكس مقاومة شعبٍ يكافح للحفاظ على نبض الحياة.

لكن مع اندلاع الحرب الأخيرة، تبدل الحال بشكل مأساوي. ضربات جوية وقصف مدفعي جعلت القطاع يبدو وكأنه تعرض لزلزال مدمر. أطلال المباني المدمرة انتشرت في كل مكان، وشوارع مثل شارع عمر المختار - الشريان الرئيسي لغزة - أصبحت مجرد ذكرى لما كانت عليه.

القطاع الصحي.. بين الاستهداف والدمار

لم يسلم القطاع الصحي من ويلات الحرب. المستشفيات والمرافق الطبية التي كانت تقدم الخدمات الأساسية للسكان، أصبحت هدفًا للقصف.

مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمال القطاع مثالٌ واضح على حجم المأساة، حيث تعرض المبنى لأضرار جسيمة إثر قصف عنيف، وتحول إلى أطلال غير قادرة على استقبال المرضى أو تقديم الرعاية.

الوضع الصحي في القطاع يصفه المراقبون بالمأساوي، حيث تعاني المستشفيات التي لا تزال قائمة من نقص حاد في الأدوية والمعدات الطبية.

ووفقًا لتقارير أممية، فإن الدمار الواسع زاد من معاناة السكان، خاصة مع تفشي الأمراض الناجمة عن تلوث المياه ونقص الخدمات الأساسية.

سكاي نيوز عربية ترصد الدمار في رفح الذي خلفته الحرب

مشهد كارثي وآمال معقودة على إعادة الإعمار

آثار 15 شهرًا من الحرب لم تقتصر على البنية التحتية فقط، بل امتدت لتشمل حياة الناس وأحلامهم. مشاهد الأطفال يلعبون وسط الركام، والعائلات التي فقدت منازلها وأحباءها، أصبحت تعكس قصصًا من الألم والصمود في آنٍ واحد.

رغم فداحة الأضرار، يتمسك سكان القطاع بالأمل. اتفاق وقف إطلاق النار الأخير والوعود الدولية بإعادة الإعمار شكلت بارقة أمل لتخفيف معاناة السكان. إلا أن الأمم المتحدة حذرت من صعوبة المهمة، مؤكدة أن إعادة بناء ما دمرته الحرب يتطلب جهودًا كبيرة وموارد ضخمة.

المبادرات الشعبية والدولية لدعم القطاع مستمرة، لكن التحدي الأكبر يكمن في تحويل هذه المبادرات إلى خطوات عملية تعيد بناء ما هدمته الحرب.

غزة التي كانت يومًا مدينة للحياة، أصبحت اليوم عنوانًا للألم والصمود. ومع ذلك، يظل الأمل قائمًا في أن تعود يومًا لتكون كما كانت، رمزًا للثبات وحب الحياة رغم كل المحن.

غزة.. إعادة إعمار قد يكلف 80 مليار دولار