يثير رجل الأعمال الأميركي إيلون ماسك موجة من القلق داخل الأوساط السياسية الأوروبية، وسط اتهاماتٍ له بدعم تيارات اليمين المتطرف وزعزعة الاستقرار الديمقراطي في القارة العجوز.
وتزامنت هذه المخاوف مع تصاعد نفوذ ماسك في المجالين التكنولوجي والسياسي، الأمر الذي دفع المسؤولين الأوروبيين إلى التعبير عن انزعاجهم العلني.
تهديدٌ مباشر للديمقراطية الأوروبية
حذر رئيس الوزراء الفرنسي علانيةً من التأثير السلبي لماسك على الديمقراطيات الأوروبية، مشيرًا إلى أن "إيلون ماسك يشكل تهديدًا للدول الديمقراطية، ولا ينبغي أن يكون للمال الحق في حكم الضمائر".
هذا التصريح يعكس توجها عاما في العواصم الأوروبية التي ترى في ماسك شخصيةً ذات نفوذٍ غير مسبوق، قادرة على التأثير على الرأي العام بفضل إمبراطوريته التكنولوجية والإعلامية.
دعم ماسك لليمين المتطرف
تتزايد المخاوف الأوروبية مع إعلان ماسك دعمه العلني لحزب "البديل من أجل ألمانيا"، الحزب اليميني المتطرف الذي يدعو إلى انسحاب ألمانيا من الاتحاد الأوروبي ومن حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وفي خطوة غير مسبوقة، أعلن ماسك استعداده للتبرع بمبالغ مالية كبيرة لدعم حملات هذا الحزب، ما اعتبره مراقبون تدخلاً صريحًا في الشؤون السياسية الداخلية للدول الأوروبية.
وفي هذا السياق، أكد عضو مجلس الأمن القومي في حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي مصطفى العمار أن "تصريحات ماسك وتدخله في السياسة الأوروبية يشكلان تهديدًا واضحًا للديمقراطية وانتهاكًا لسيادة الدول".
وأضاف العمار خلال حديثه للتاسعة على سكاي نيوز عربية أن "ماسك لم يعد مجرد رجل أعمال أو مستثمر، بل أصبح جزءًا من الإدارة الأميركية الجديدة، مما يعزز مخاوف الأوروبيين من تأثيره المتزايد على السياسة الدولية".
علاقة وثيقة بترامب تثير القلق
أحد العوامل التي تزيد من قلق الأوروبيين هو العلاقة الخاصة التي تربط ماسك بالرئيس الأميركي دونالد ترامب. فمع عودة ترامب المحتملة إلى البيت الأبيض، يخشى القادة الأوروبيون من أن يصبح ماسك أداةً مؤثرةً في تشكيل السياسات الأوروبية عبر دعم تيارات متطرفة ومعادية للاتحاد الأوروبي.
وفي هذا السياق، شدد العمار على أن "دعم ماسك لأحزاب اليمين المتطرف في أوروبا يأتي في وقتٍ حساس، حيث تتزايد الضغوط الداخلية والخارجية على الأنظمة الديمقراطية"، مؤكدًا أن "ماسك يتجاوز حدود نفوذه الاقتصادي ليؤثر بشكل مباشر في المعادلة السياسية داخل أوروبا".
أوروبا بين الحاجة إلى التكنولوجيا والقلق
ورغم تصاعد المخاوف، تجد الحكومات الأوروبية نفسها في موقف معقد، حيث تعتمد بشكل كبير على شركات ماسك في مجالات التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي.
ورأى العمار أن "أوروبا بحاجة إلى التوازن بين الحفاظ على استقلاليتها السياسية من جهة، والاستفادة من الابتكارات التكنولوجية لماسك من جهة أخرى"، داعيًا إلى "تشريع قوانين جديدة تحمي الديمقراطية الأوروبية من التدخلات الخارجية، بما في ذلك تدخل رجال الأعمال ذوي النفوذ السياسي".
ما بين التأثير السياسي والدور التكنولوجي، يبقى إيلون ماسك شخصيةً جدليةً في المشهد الأوروبي، حيث يراه البعض رمزًا للابتكار، بينما يعتبره آخرون تهديدًا للديمقراطية. ومع تزايد المخاوف بشأن مستقبله السياسي ودوره في دعم تيارات اليمين المتطرف، تبقى أوروبا أمام تحدٍ حقيقي في كيفية التعامل مع نفوذ هذا الملياردير الأميركي.