في أجواء يسودها الحذر والترقب، تتجه الأنظار نحو الجهود الدولية للتوصل إلى اتفاق بشأن غزة، وسط تفاؤل أميركي وإسرائيلي بأن الصفقة قد تُبرم هذا الأسبوع.

هذه التحركات تأتي قبل تسلم الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، مقاليد السلطة، مما يشير إلى رغبة الأطراف المعنية في استثمار الوقت لتثبيت التفاهمات. لكن في الوقت نفسه، هناك انقسامات داخلية في إسرائيل ومخاوف من أن تتحول الصفقة إلى نقطة توتر جديدة.

ضغط دولي وإرادة مشتركة

وفقا لموقع "أكسيوس"، فإن هناك توافقا بين إسرائيل والوسطاء، من قطر ومصر والولايات المتحدة على مسودة اتفاق تشمل وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس.

ويُتوقع أن تشمل المرحلة الأولى وقفا مؤقتا للعمليات العسكرية لمدة 42 يوما، وعودة النازحين، إضافة إلى إدخال مساعدات إنسانية إلى القطاع. هذه الجهود تُظهر وجود إرادة مشتركة بين الأطراف المعنية لتخفيف التصعيد وفتح المجال لعملية إعادة الإعمار في غزة.

وصرّح الكاتب والباحث السياسي إيلي نيسان خلال حواره لسكاي نيوز عربية أن المستشفيات الإسرائيلية بدأت استعداداتها لاستقبال المخطوفين المتوقع إطلاق سراحهم ضمن الصفقة، ما يعكس ثقة متزايدة بقرب التوصل إلى اتفاق. وأضاف أن هناك قائمة جاهزة بالسجناء الأمنيين الذين سيتم الإفراج عنهم، مما يشير إلى جدية في المفاوضات.

انقسامات إسرائيلية و"صفقة كارثية"

رغم التفاؤل، تواجه الحكومة الإسرائيلية انقساما داخليا بشأن الاتفاق. وزير المالية الإسرائيلي وصف الصفقة بأنها "كارثية" و"استسلام"، معتبرا أنها تهدد الأمن القومي. من جانبه، التقى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع أعضاء حكومته في محاولة لتخفيف التوتر، مشددًا على أهمية استقرار الحكومة وعدم الانزلاق إلى انتخابات مبكرة.

إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، من التيار اليميني المتطرف، ورغم معارضتهما للاتفاق، لم يظهرا نية لتفكيك الحكومة، مما يتيح مجالًا للاستمرار في المفاوضات دون تهديد مباشر لاستقرار الائتلاف الحكومي.

تفاؤل أميركي مشروط

الإدارة الأميركية، وفقا لنيسان، تضغط من أجل إتمام الاتفاق قبل تسلم ترامب السلطة، حيث يسعى الأخير لضمان هدوء إقليمي يتيح له التركيز على القضايا الداخلية. نائب ترامب، جي دي فانس، أعرب عن ثقته بالتوصل إلى اتفاق قريب، مؤكدًا أن وقف إطلاق النار قد يكون الخطوة الأولى نحو استقرار طويل الأمد في غزة.

لكن التفاؤل الأمريكي مشروط بتحقيق تقدم في القضايا الخلافية، وأبرزها إنشاء منطقة عازلة في شمال وشرق قطاع غزة بعمق كيلومترين، وضمان عدم استعادة حماس لقوتها العسكرية خلال فترة الهدنة.

أخبار ذات صلة

تفاصيل اتفاق حماس وإسرائيل.. ألف أسير و"حق الفيتو"
مكتب نتنياهو: حماس لم تقدم قائمة أسماء الرهائن حتى اللحظة

حماس بين الضغوط والمطالب

على الجانب الآخر، تبدي حركة حماس تجاوبا إيجابيا مع مسودة الاتفاق، لكنها ترفض بشكل قاطع تقديم تنازلات تتعلق بوقف دائم للحرب أو إنشاء منطقة عازلة، معتبرة أن هذه الشروط تمس سيادتها. ومع ذلك، تواجه الحركة ضغوطًا من الوسطاء، الذين حددوا مهلة زمنية للرد على المقترحات.

الرهان على التنفيذ

النقاط الخلافية في المسودة، وخاصة ما يتعلق بوقف دائم للعمليات العسكرية، قد تُعقد المفاوضات. كما أن تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق، التي تتضمن إطلاق سراح أسرى من الطرفين، قد يُقابل بمخاوف إسرائيلية من صعوبة استعادة المخطوفين المتبقين لدى حماس.

إيلي نيسان حذّر من أن الصفقة قد تكون محفوفة بالمخاطر، مشيرا إلى أن الحكومة الإسرائيلية قد تضطر إلى اتخاذ إجراءات عسكرية إذا استشعرت تهديدا أمنيا جديدا من القطاع.

مع اقتراب العد التنازلي للاتفاق، يبقى السؤال حول قدرة الأطراف على تجاوز العقبات. ففي حين يعكس التفاؤل الأمريكي والإسرائيلي رغبة قوية في التوصل إلى صفقة، فإن الانقسامات الداخلية والمطالب المتعارضة تهدد بعرقلة الجهود. يبقى الأمل معقودًا على الدبلوماسية والوسطاء لإيجاد صيغة تضمن الهدوء والاستقرار في غزة، وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة من إعادة الإعمار.