مع اقتراب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب من دخول البيت الأبيض، تتوجه الأنظار نحو سياساته المستقبلية في الشرق الأوسط، لا سيما في العلاقة مع إسرائيل ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، والتعامل مع الملف الإيراني.

تصريحات ترامب وخطواته الأولية تشير إلى مقاربة جديدة تختلف عن تلك التي اتبعها الرئيس جو بايدن، مع تركيز على ضبط العلاقة مع الحلفاء وتبني نهج أكثر تشددًا تجاه إيران.

يرى الخبير في السياسة الخارجية الأميركية هارلي ليبمان أن العلاقة بين ترامب ونتنياهو تظل قوية رغم بعض الخلافات البسيطة التي ظهرت، مثل تهنئة نتنياهو لبايدن.

ترامب.. كيف يسعى لتحجيم تأثير نتنياهو في السياسة الأميركية؟

ويشير ليبمان خلال حديثه مع أميركا اليوم على سكاي نيوز عربية إلى أن ترامب يُعيّن أشخاصا يُعتبرون من أكثر الداعمين لإسرائيل، مما يعزز فكرة أن إدارته ستكون الأكثر دعما لإسرائيل في تاريخ الولايات المتحدة.

في سياق ذلك، أظهر ترامب مقطع فيديو يعكس فيه بعض التحفظات على العلاقة مع نتنياهو، ما أثار الجدل حول إمكانية تصاعد التوترات بينهما. ومع ذلك، يعتقد ليبمان أن هذه التحفظات لن تؤدي إلى قطيعة، بل ستدفع باتجاه شراكة استراتيجية قائمة على المصالح المشتركة، خصوصًا مع تصاعد التحديات الإيرانية.

التحدي الإيراني.. محور السياسات المستقبلية

من جهة أخرى، يشدد مساعد وزير الخارجية الأميركية الأسبق لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر على أن إيران تمثل تحديا رئيسيا لسياسة ترامب في المنطقة.

ويشير شينكر إلى أن إيران في موقف ضعيف حاليا، وقد تُجبر على التفاوض بشأن برنامجها النووي. لكنه يحذر من إمكانية أن تلجأ إيران إلى الخداع، كما حدث خلال فترة أوباما، مما يثير مخاوف حقيقية حول نواياها.

ترامب، وفقا لشينكر، يعارض الحرب المباشرة مع إيران، مفضلا الحلول التفاوضية لتحقيق أهدافه، مع وضع الاقتصاد الأميركي في مقدمة أولوياته.

ويعتقد شينكر أن أي تصعيد عسكري لن يحدث إلا بعد دراسة معمقة وتوافق داخلي ضمن فريق ترامب الأمني.

ترامب يسعى لإنهاء الحروب في الشرق الأوسط، لكنه يواجه تحديات كبيرة، منها الصراع في غزة الذي قد يمتد إلى لبنان، بحسب شينكر.

في الوقت ذاته، يركز ليبمان على أهمية ألا يصبح لبنان أداة في الصراع الإقليمي، مشيرا إلى أن ترامب قد يلعب دورا في تعزيز استقرار المنطقة إذا استطاع الحفاظ على توازن دقيق بين المصالح الإسرائيلية والعربية.

تغيرات الشرق الأوسط.. أي دور لإدارة ترامب؟

دروس من الماضي وآمال المستقبل

يبقى السؤال حول قدرة ترامب على رسم سياسة جديدة في الشرق الأوسط دون تكرار أخطاء الإدارات السابقة. ليبمان يحذر من أن أي اندماج محتمل بين مقاتلي حزب الله والجيش اللبناني قد يؤدي إلى استغلال الجيش ضد إسرائيل، وهو أمر يجب على إدارة ترامب معالجته بحذر.

في المقابل، يشير شينكر إلى أن دعم فريق ترامب لإسرائيل يعكس التزاما قويا بمنع أي تهديد إيراني أو لبناني قد يؤثر على أمن المنطقة. ومع ذلك، يشدد على أهمية تبني سياسة طويلة الأمد تعزز السلام بدلا من التصعيد.

رغم الدعم الكبير الذي يقدمه ترامب لإسرائيل، فإن محاولاته لضبط العلاقة مع نتنياهو ورسم حدود واضحة لتأثيره تعكس رغبة في تحقيق استقلالية القرار الأميركي. ومع تصاعد التحديات الإيرانية، يبقى على ترامب أن يوازن بين سياسته التفاوضية وطموحات إسرائيل في التصدي لإيران. الشرق الأوسط اليوم يقف على أعتاب مرحلة جديدة، وستحدد قرارات ترامب في الأشهر الأولى من حكمه مستقبل المنطقة بأكملها.