وسط التغيرات السياسية والأمنية التي تشهدها سوريا في المرحلة الجديدة، بات الأمن يمثل حجر الأساس لضمان الاستقرار وإعادة بناء الدولة.

وتسعى الإدارة الجديدة إلى التعامل مع تحديات أمنية معقدة تشمل 3 محاور رئيسية: إعادة هيكلة الأمن في محافظة السويداء، مكافحة تنظيم داعش، ومواجهة النفوذ الإيراني.

هذا التقرير يسلط الضوء على هذه القضايا باستخدام وجهات نظر خبراء ومحللين.

سوريا والمرحلة الجديدة.. الأمن على رأس الأولويات

السويداء وتسليم السلاح

تعتبر محافظة السويداء واحدة من النقاط الحساسة التي تعمل الإدارة الجديدة على معالجتها. ويرى الخبير العسكري والاستراتيجي هيثم حسون خلال حديثه لغرفة الأخبار على سكاي نيوز عربية أن السويداء كانت تعاني من انفصال أمني عن الدولة، مشيرا إلى ضرورة إعادة دمج سكانها ضمن الدولة السورية.

ويوضح أن الجيش السوري يجب أن يكون ضمانة للجميع، لكن إعادة الثقة بين الحكومة وسكان السويداء يتطلب جهودا مكثفة.

ويشدد حسين الدغيم، الباحث السياسي، على أهمية "بناء مؤسسة عسكرية وطنية محايدة تشمل جميع السوريين"، مؤكدا أن جميع الأطراف يجب أن تسلم أسلحتها وتضعها تحت إشراف وزارة الدفاع.

هذا النهج يهدف إلى تعزيز مبدأ الحياد والمساواة في المؤسسة العسكرية، وهو عامل أساسي لتحقيق الأمن والاستقرار.

محاربة تنظيم داعش

رغم هزيمته في معركة الباغوز عام 2019، لا تزال خلايا تنظيم داعش تمثل تهديدا أمنيا كبيرا.

ويلفت الدغيم إلى أن القضاء على داعش يتطلب "جهودًا عسكرية وأمنية واجتماعية"، مشيرا إلى أن التنظيم "ينمو في بيئات تعاني من القهر الاجتماعي والظلم الاقتصادي".

من جهته، يُبرز حسون الدور الأميركي في إبقاء ورقة داعش قيد الاستخدام، حيث يوضح أن الولايات المتحدة "أعادت هيكلة بعض مقاتلي التنظيم وزادت من أعدادهم للحفاظ على أوراق ضغطها في المنطقة".

ويشير إلى وجود نحو 3000 مقاتل من داعش وأكثر من 15 ألفًا من عائلاتهم موزعين في مناطق متعددة.

مواجهة النفوذ الإيراني

تمثل إيران تحديا كبيرا للإدارة السورية الجديدة، خاصة مع محاولتها استغلال الثغرات الأمنية لتعزيز نفوذها.

يؤكد الدغيم أن "إيران استثمرت على مدى سنوات في زعزعة استقرار المنطقة"، لكنها تواجه اليوم خسائر كبيرة على الصعيدين العسكري والسياسي.

من جانبه، يرى حسون أن "دور إيران في سوريا على وشك الانتهاء"، مشيرا إلى أهمية المشروع العربي في تأمين سوريا ومنع تمدد النفوذ الإيراني.

ويضيف أن "السعودية قد تكون الأقرب لقيادة مشروع عربي حقيقي لإعادة بناء سوريا".

سوريا والمرحلة الجديدة.. دعم خارجي وترقب لمسار الانتقال

آليات تحقيق الأمن

تعمل الإدارة الجديدة على وضع خطط شاملة لضمان الأمن في البلاد. يؤكد الدغيم لسكاي نيوز عربية أن "الدبلوماسية هي الخيار الأول"، لكن في حال فشلها، "لا بد من استخدام الشدة لضمان الأمن". ويشدد على ضرورة "إعادة هيكلة الجيش واستدعاء الضباط المنشقين والفصائل العسكرية تحت مظلة وطنية".

في السياق نفسه، يرى حسون أن القوة العسكرية الحالية غير كافية لتلبية الاحتياجات الأمنية، مشيرًا إلى أهمية "الاعتراف الدولي والعربي بالقيادة الجديدة" لتعزيز شرعيتها ودعم جهودها الأمنية.

الدعم العربي والدولي

يُجمع الخبراء على أن الدور العربي والدولي ضروري لنجاح الجهود الأمنية في سوريا. يشير الدغيم إلى أن "الدعم العربي والدولي في البرامج الاقتصادية والتنموية يمكن أن يقلل من الحاجة للاصطدام مع تنظيم داعش".

كما يلفت حسون إلى أن "المشاريع العربية يجب أن تبدأ الآن لإعادة بناء سوريا كقاعدة لأي عمل عربي مشترك".

في ظل التحديات الأمنية التي تواجهها سوريا، يبدو أن الإدارة الجديدة تسير على طريق مدروس لإعادة الاستقرار. تسليم السلاح، مكافحة الإرهاب، والحد من النفوذ الإيراني تمثل أولويات المرحلة الحالية، مدعومة بخطط وطنية وتعاون إقليمي ودولي. ورغم العقبات، تحمل هذه الجهود بارقة أمل لسوريا موحدة وآمنة.