في ظل تصاعد التوترات الإقليمية بشأن البرنامج النووي الإيراني، تقف إسرائيل أمام خيارين استراتيجيين بالغَي الخطورة: توجيه ضربة عسكرية مباشرة للنظام الإيراني أو التركيز على تحييد أذرعه الإقليمية، مثل الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان.

وبينما يبدو الخيار الأول جذريًا وذا تأثير فوري، يحمل الخيار الثاني تحديات ميدانية معقدة قد تستنزف إسرائيل عسكريًا وسياسيًا.

الضربة المباشرة.. دوافع ومخاطر

يشير الباحث السياسي مصدق بور خلال حديثه لـ"سكاي نيوز عربية" إلى أن إسرائيل قد تستغل الظروف الحالية، مع تصاعد الضغوط الاقتصادية على إيران، لتنفيذ ضربة مباشرة تستهدف البرنامج النووي الإيراني. وقد وصف البرنامج بأنه وصل إلى "نقطة اللاعودة"، وهو ما يؤكده أيضًا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي شدد على أن إيران تشكل تحديًا استراتيجيًا وأمنيًا للمنطقة وأوروبا.

على الرغم من أن الدوافع الإسرائيلية للاستهداف المباشر للبرنامج النووي الإيراني تبدو قوية وضرورية من منظور أمني، إلا أن المخاطر المترتبة على ذلك ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار.

ويشكل التوازن بين تحقيق الأمن القومي ومواجهة العواقب المحتملة تحدياً استراتيجياً بالغ الأهمية. من هنا، يتعين على إسرائيل أن تفكر بشكل عميق في كل خطوة تخطوها، والبحث عن الحلول الأكثر فاعلية وتوازناً في سياق معقد تتحكم فيه القوى الإقليمية والدولية.

تحييد الأذرع خيار استنزافي

وفقًا لتقرير نشرته وول ستريت جورنال، يشكل الحوثيون "معضلة استراتيجية" لإسرائيل، حيث إنهم قادرون على استهداف المدن الإسرائيلية بالصواريخ، مما يخلق حالة من الاستنزاف المستمر. ومع ذلك، يعتبر بعض المحللين أن التركيز على الأذرع الإقليمية قد يؤدي إلى إطالة أمد الصراع دون تحقيق نتائج حاسمة.

خطط أميركية إسرائيلية لمواجهة أي تهديد إيراني محتمل

التحديات:

  • الاستنزاف العسكري: العمليات ضد أذرع إيران قد تستغرق وقتًا طويلاً وتستهلك موارد إسرائيل العسكرية.
  • تأثير محدود: استهداف الأذرع قد لا يؤثر بشكل مباشر على قدرة إيران النووية أو سياستها الإقليمية.

المعادلة الإقليمية وتأهب إسرائيل

كشف مسؤولون إسرائيليون أن رئيس الأركان أصدر تعليمات برفع حالة التأهب تحسبًا لأي سيناريو، بما في ذلك ضربة استباقية إيرانية محتملة.

ومن جهة أخرى، يشير مصدق بور إلى أن التطورات في سوريا، بما في ذلك تراجع النفوذ الإيراني هناك، قد تخفف من التوتر بين إيران وإسرائيل على المدى القريب، لكنها لا تلغي احتمال المواجهة.

سياسات القوى الدولية وتأثيرها

يلعب الموقف الأميركي دورا محوريا في تحديد مسار الأزمة. ففي ظل الحديث عن عودة محتملة لدونالد ترامب إلى السلطة، قد تتبنى واشنطن سياسات أكثر تشددًا تجاه طهران، بما في ذلك دعم ضربة إسرائيلية مباشرة.

وتشير تقارير إلى أن إدارة ترامب كانت تدرس بالفعل خيارات عسكرية ضد إيران في حال فشل الجهود الدبلوماسية.

إسرائيل أمام معضلة استراتيجية معقدة: هل تختار الضربة المباشرة التي قد تؤدي إلى مواجهة شاملة ولكنها تحمل إمكانية تحقيق نتائج حاسمة؟ أم تستمر في استراتيجيتها الحالية بالتركيز على تحييد الأذرع الإقليمية لإيران، رغم خطر الاستنزاف؟.

ويشدد مصدق بور على أهمية اتباع إسرائيل "استراتيجية متكاملة" تأخذ في الحسبان تعقيدات المشهد الإقليمي والدولي، مع إدراك أن المواجهة مع إيران لن تكون مجرد خطوة عسكرية واحدة، بل سلسلة من التحديات المستمرة التي تتطلب تحالفات قوية وإدارة دقيقة للأزمات.