وسط تغيّرات إقليمية معقدة، تجد بغداد نفسها في مفترق طرق جيوسياسي يتطلب موازنة دقيقة بين التأثير الإيراني المتزايد والضغوط الأميركية المستمرة.
في حديث لرادار على سكاي نيوز عربية مع سكوت أولينغر، المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات الأميركية، يرى أن العراق يواجه مخاطر مشابهة لتلك التي أدت إلى تغييرات جذرية في سوريا، لكنه يلفت إلى اختلاف الظروف.
ويقول أولينغر: "إيران اليوم في أضعف موقف استراتيجي لها منذ 1979. تراجع نفوذها في لبنان وسوريا، إلى جانب الضغوط الداخلية، ينعكس على قدرتها في السيطرة على حلفائها، بما في ذلك العراق".
على الجانب الآخر، يبرز النفوذ الإيراني بشكل واضح في دعم الحشد الشعبي. السوداني أكد أهمية تحصين هذه القوة العسكرية، ما يعكس استجابة مباشرة لتوقعات طهران. وفقاً لرئيس تحرير صحيفة "إيران دبلوماتيك"، عماد أبشناس: "لا يمكن اختزال دور إيران في العراق بعامل الدعم المالي أو العسكري. الحشد الشعبي جزء من الشعب العراقي، وأي محاولة لحله تتجاهل التوازن الداخلي".
الحشد الشعبي في قلب التوترات
تصريحات فالح الفياض، رئيس هيئة الحشد الشعبي، أكدت أن الحشد قوة أمنية تهدف لحماية البلاد، ولكنه يظل محوراً للخلاف بين واشنطن وطهران. ويقول سكوت أولينغر: "الحشد الشعبي يواجه ضغوطاً متزايدة لتخفيف نفوذه. إدارة بايدن، وربما الإدارة المقبلة، ستكثف الجهود لكبح تأثير إيران على الحشد".
في المقابل، يشدد أبشناس على أن وجود الحشد مرتبط بالأوضاع الأمنية، قائلا: "الحشد لم يُشكَّل لمنافسة الجيش العراقي بل لدعمه.. دوره ينتهي فقط عندما تزول التهديدات التي استدعت وجوده".
ضغوط داخلية وخارجية
التضخم المتزايد والاحتجاجات الشعبية في إيران يضعفان قدرتها على الاستمرار بدعم حلفائها، ولكن أبشناس يرى أن: "الدور الإيراني في المنطقة لا يعتمد فقط على التمويل. هناك أيديولوجيا مشتركة تربط إيران بحلفائها، وهذه الروابط لا يمكن تدميرها بسهولة".
في ظل هذه التحديات، يبقى العراق أمام خيار صعب: إما الانصياع للضغوط الأميركية لتقليص النفوذ الإيراني أو المضي قدماً في تعميق علاقاته مع طهران. وبينما يستعد السوداني لزيارته المقبلة، سيكون مستقبل الحشد الشعبي والسياسة العراقية محور الأنظار الإقليمية والدولية.
ويواجه العراق معركة توازن بين قوتين كبيرتين تتصارعان على النفوذ في المنطقة. كيف ستدير بغداد هذا الملف الحساس سيحدد مستقبلها السياسي والأمني في الفترة المقبلة.