يستعد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، لبدء ولايته الثانية بشخصية يتوقع أن تكون "أقوى" مقارنة بولايته الأولى قبل 8 سنوات، لكن ملفات السياسة الخارجية قد تطغى على أداء الإدارة الجديدة للبيت الأبيض.
ورغم حديث ترامب الدائم عن أن تركيزه سينصب على "أميركا أولا" ومسألة المهاجرين والاقتصاد المحلي والخدمة المدنية، إلا أن السياسة الخارجية قد تجرفه سريعا وتسيطر على أدائه لا سيما فيما يتعلق بالشرق الأوسط وأوكرانيا والصين، وفق ما ذكر الصحفي الأميركي المخضرم دانييل بالز في مقال على صحيفة "واشنطن بوست" عنونه بـ"عالم مختلف وأكثر خطورة ينتظر ترامب".
الشرق الأوسط
وبحسب المقال، فإن لدى ترامب الفرصة للمساعدة في إعادة تشكيل الشرق الأوسط، ولكن عليه الإجابة عن سؤالين كبيرين: الأول هو إلى أي مدى سيمنح إسرائيل حرية التصرف بطرق لم يفعلها الرئيس الحالي جو بايدن؟
أما السؤال الثاني فما هو موقفه تجاه إيران؟ هل سيرى فرصة للتفاوض أم سيتخذ نهجا متشددا للغاية؟ تم تفسير اختياره لسفير إسرائيل، حاكم أركنساس السابق مايك هاكابي، المؤيد بشدة لإسرائيل، على أنه علامة على "استسلامه" لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكثر مما فعل بايدن.
وقال دانييل بنيامين، رئيس الأكاديمية الأميركية في برلين، إن أحد أكبر التغييرات منذ تولي ترامب منصبه آخر مرة هو ما أسماه "محور المقاومة"، الذي يضم روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية. وقال بنيامين: "هذا أصبح الآن واقعا ثابتا".
الصين
وتشكل الصين تحديات أخرى لترامب، الذي هدد بفرض تعريفات جمركية جديدة كبرى على دولة تعاني من مشكلات اقتصادية خطيرة وطموحات عسكرية متنامية.
وكمؤشر على نواياه، يخطط ترامب لتعيين العديد من صقور الصين في إدارته القادمة. في الوقت نفسه، أصبحت حكومات الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة في أوروبا، وخاصة فرنسا وألمانيا، ضعيفة، مع صعود الأحزاب اليمينية الشعبوية.
روسيا
وقد يجد ترامب صعوبة أكبر في العمل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني شي جين بينغ والزعيم الذي أرسل له ما أسماه ترامب "رسائل الحب"، زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون.
كما قال أحد الدبلوماسيين الأوروبيين السابقين للصحيفة: "ليس مثل الحرب الباردة القديمة، ولكن يمكنك أن ترى نمطا عالميا من التدافع والتوتر". في هذه البيئة، يُنظر إلى خصوم ترامب المتصارعين على أنهم أقل ميلا إلى عقد صفقات قصيرة الأجل تعود بالنفع على الرئيس القادم.
في هذا الصدد، يقول إيفو دالدر، الرئيس التنفيذي لمجلس شيكاغو للشؤون العالمية والسفير الأميركي السابق لدى حلف شمال الأطلسي: "الأمر الكبير هو أن روسيا في حالة حرب مع الغرب".
وتابع: "بالتأكيد على أن بوتين يركز على إخضاع أوكرانيا، بهدف استعادة الموقف الاستراتيجي لروسيا الذي فقدته في نهاية الحرب البارد.. هذا يعني أن بوتين شخصية مختلفة تماما، أكثر عزلة، وأكثر تركيزا على هدف واحد مما كان عليه عندما التقى ترامب به آخر مرة".
أوكرانيا
قد تصبح الحرب في أوكرانيا الاختبار الأول لترامب، بالنظر إلى الوضع في ساحة المعركة هناك، وإرهاق القوات الأوكرانية المستنفدة وتراجع الدعم في الولايات المتحدة، وخاصة بين الجمهوريين، لمواصلة تقديم المساعدة لكييف.
وقال ترامب خلال الحملة الانتخابية إنه يستطيع التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب في يوم واحد، وهو النوع من المبالغة التي اشتهر بها، لكن الواقع مختلف، والقلق بين المحللين الأوروبيين هو أن بوتين ستكون لديه مطالب متطرفة وأن ترامب، الحريص على التوصل إلى اتفاق، قد يتنازل عن الكثير.
وأضافت الصحيفة: "إن التحركات المحتملة لترامب بشأن أوكرانيا تشكل مصدر قلق كبير بين حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا، الذين كانوا جزءا من التحالف الذي جمعه الرئيس جو بايدن في البداية والذين لديهم قضايا أمنية خاصة بهم اعتمادًا على ما سيحدث. هل يبيع ترامب الأوكرانيين باتفاقية تدمر سيادتهم بشكل أساسي؟ هل يمكن إجبار أوكرانيا على التنازل عن الأراضي، ولكن في مقابل ضمانات تربطها بالغرب؟"
حلفاء واشنطن
ويتولى ترامب منصبه مع بعض حلفاء الولايات المتحدة الضعفاء والمستغرقين في المشاكل الداخلية، فقد تعرض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لسلسلة من الهزائم السياسية في الأشهر الأخيرة.
وفي ألمانيا، انهارت الحكومة الائتلافية للمستشار أولاف شولتز، مع اقتراب موعد الانتخابات الجديدة، وتشهد حكومة كوريا الجنوبية حالة من الاضطراب بعد عزل الرئيس يون سوك يول.
كما شهد رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو استقالة نائبه، وهو الآن غير محبوب بشدة بين عامة الناس.