بعد سنوات من إعلان القضاء على تنظيم "داعش"، تعود المخاوف الدولية بشأن تمدده في سوريا، بعد سقوط نظام الأسد المفاجئ على يد فصائل المعارضة المسلحة.

وتشير تقارير إلى استغلال التنظيم للظروف الأمنية والسياسية الجديدة لإعادة ترتيب صفوفه.

ومن السجون المكتظة بمقاتلي "داعش" إلى المخيمات التي تؤوي عائلاتهم، تتزايد التحديات الأمنية وسط انقسامات داخلية وضغوط إقليمية ودولية.

الخطر القائم

رغم تضاؤل سيطرته الجغرافية، تشير القيادة المركزية الأميركية إلى وجود نحو 2500 عنصر نشط لـ"داعش" بين العراق وسوريا، إلى جانب آلاف المعتقلين في سجون ومخيمات شمال شرقي سوريا.

ويقول الخبير الأمني العراقي العسكري السابق سرمد البياتي لـ"سكاي نيوز عربية"، إن داعش "لا يملك القدرة على السيطرة على القرى أو الأراضي، لكنه قادر على إلحاق الأذى بقوات الأمن عبر خلاياه النائمة التي تنشط في المناطق النائية والصحراوية".

ويتركز النشاط الأساسي للتنظيم في محافظات مثل الحسكة ودير الزور وحمص، حيث يستغل الفوضى الأمنية في بعض المناطق، كما أن "داعش" يسعى لإعادة بناء هياكله من خلال تجنيد أفراد جدد، مع استغلال الصراعات الإقليمية لإثبات وجوده.

أخبار ذات صلة

لعدم تكرار الخطأ مرتين.. هل ينقذ درس أفغانستان سوريا؟
تركيا تطالب بإعادة عناصر داعش في سوريا إلى بلادهم

قنابل موقوتة

وأصبحت السجون التي تديرها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) شمال شرقي سوريا نقطة ضعف واضحة، وتضم هذه السجون أكثر من 9 آلاف عنصر من "داعش"، إضافة إلى آلاف آخرين في مخيمات الاحتجاز مثل مخيم الهول.

ويؤكد البياتي على خطورة هذا الوضع، مشيرا إلى أن "الأوضاع داخل المخيمات خطيرة، وقسد لا تملك السيطرة الكاملة على ما يحدث هناك. أي فراغ أمني قد يؤدي إلى كارثة في العراق وسوريا".

وتتزايد المخاوف مع تصاعد التهديدات التركية لمناطق "قسد"، حيث تواجه الأخيرة ضغوطا مزدوجة، فعليها التصدي لهجمات الفصائل المدعومة من أنقرة من جهة، وتأمين المخيمات والسجون من جهة أخرى.

تحركات دولية

ومؤخرا عادت فرنسا إلى الواجهة بتنفيذ ضربات جوية استهدفت مواقع مرتبطة بـ"داعش" في سوريا، وأعلن وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لو كورن أن "الضربات تأتي في إطار التحالف الدولي الذي يهدف إلى منع داعش من إعادة ترتيب صفوفه واستغلال أي فراغ أمني".

ترجيح عقد مؤتمر الحوار الوطني السوري منتصف الشهر الحالي

إضافة إلى ذلك، تتخذ الدول المجاورة، مثل العراق، إجراءات استباقية لتعزيز أمن الحدود ومنع تسلل العناصر الإرهابية.

ويقول البياتي: "العراق بدأ تجهيز معسكرات لاستقبال العائلات النازحة من مخيم الهول مع إجراء تدقيق أمني شامل، لأن أي تسلل لعناصر داعش قد يعيد الأزمة إلى المربع الأول".

أما تركيا، فقد طالبت الإدارة السورية الجديدة بتحمل مسؤولية إدارة السجون والمخيمات، مؤكدة على ضرورة تسليم العناصر المعتقلة إلى الدول التي يحملون جنسياتها.

بين الدعاية والواقع

ورغم التحركات العسكرية والدبلوماسية، يرى بعض المحللين أن الحديث عن عودة "داعش" قد يُستخدم كورقة ضغط لفرض أجندات دولية.

ومع ذلك، يحذر البياتي من الاستهانة بالخطر، كما يشير إلى أن التهديدات ليست مرتبطة فقط بالداخل السوري، بل تمتد إلى دول أخرى مثل مصر وتونس، التي تتخذ إجراءات احترازية لمنع عودة المقاتلين الأجانب من سوريا عبر تركيا.

وفي ظل الجدل حول "داعش"، يتهم بعض الخبراء القوى الدولية بتضخيم الخطر لتحقيق أهداف استراتيجية، ومع ذلك يبقى التنظيم قادرا على تنفيذ هجمات مؤثرة، مما يجعله أداة دعائية للتدخلات الدولية، وفق الخبير الأمني العراقي.

ويختتم البياتي حديثه بالقول: "داعش اليوم قد يكون أكذوبة للبعض، لكنه يظل قادرا على استغلال أي فرصة للعودة، خاصة في ظل الصراعات الحالية وعدم وجود استقرار سياسي وأمني في سوريا".