مع تصاعد التحركات السياسية والعسكرية في سوريا، يتزايد الحديث عن "سوريا الجديدة" التي تسعى لتحقيق دولة مدنية تحترم حقوق جميع المواطنين وسط مخاوف تتعلق بمصير الأقليات.

وتعكس تصريحات القادة الجدد، بما في ذلك قائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع المعروف بـ"أبو محمد الجولاني"، الرغبة في بناء نظام سياسي شامل، ولكن يبقى السؤال حول قدرة هذا النظام على تحقيق تطلعات جميع السوريين، بما في ذلك الأقليات.

وقال الشرع إن "الثورة لم تكن ضد الأقليات"، مشددا على ضرورة حماية جميع الطوائف والمكونات السورية من الاعتداءات.

ورغم مثل هذه التصريحات المطمئنة، فإن طبيعة المرحلة الحالية وحساسيتها تطرح تحديات كبيرة أمام تحقيق هذا الهدف.

وعلّقت رئيسة تحرير جريدة تشرين سابقا، سميرة المسالمة، خلال حوارها مع "سكاي نيوز عربية" على المرحلة الحساسة التي تمر بها سوريا، وأكدت أن الحديث عن مؤتمر وطني في هذا الوقت قد يكون سابقا لأوانه.

أخبار ذات صلة

مصر تكشف تفاصيل أول اتصال رسمي مع الإدارة السورية الجديدة
مطالبات أميركية للحكومة السورية بضمان عملية سياسية شاملة

وأضافت المسالمة أن هناك ضرورة لوضع إطار قانوني ودستوري يُشرك جميع السوريين دون تصنيفهم كأقليات، مع التركيز على قيم الديمقراطية وكرامة الإنسان.

وسلطت الزيارة الأخيرة لمبعوث وزارة الخارجية الأميركية إلى دمشق، دانيال روبنشتاين، الضوء على مخاوف واشنطن بشأن التقارير التي تفيد بوقوع انتهاكات وعنف ضد الأقليات.

ورغم تأكيد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني على معارضة العنف ضد الأقليات، إلا أن هذه التقارير تشير إلى وجود جماعات مسلحة تعمل خارج نطاق السيطرة، الأمر الذي يثير علامات استفهام حول قدرة الإدارة الانتقالية على فرض سيطرتها وضمان أمن الجميع.

تحديات المرحلة الانتقالية

من بين التحديات التي تواجه الإدارة الانتقالية هي كيفية صياغة دستور جديد يُرضي جميع الأطراف.

وأشارت المسالمة إلى أهمية تشكيل حكومة انتقالية تمثل جميع السوريين، داعية إلى إجراء حوار وطني شامل يستغرق ما بين ثلاثة إلى ستة أشهر لضمان تمثيل حقيقي للشعب.

وشددت على أن التركيز على حقوق الإنسان والمساواة يجب أن يكون في صميم الدستور الجديد.

كما أكدت المسالمة، على أهمية صياغة دستور يضمن الحريات والمساواة باعتبار ذلك الخطوة الأهم في هذه المرحلة.

ويعد الدعم الإقليمي والدولي لسوريا الجديدة أمرا حاسما لضمان انتقال سياسي سلمي وشامل.

وأكد الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي دعمهما لاستقرار سوريا، فيما ركزت واشنطن على ضرورة منع عودة إيران إلى الساحة السورية.

ومع تزايد الضغوط الدولية والإقليمية، يبقى الأمل معقودا على قدرة السوريين على تجاوز خلافاتهم وبناء دولة تحتضن جميع مكوناتها، وجدية الإدارة الانتقالية في تحقيق نظام مدني وشامل يحوّل تصريحات القادة الجدد إلى واقع ملموس.