لا تزال مسألة التواجد العسكري الروسي في سوريا محل جدل بعد تولي الإدارة السورية الجديدة زمام الأمور في البلاد، الأمر الذي جعل مستقبل القاعدة الجوية التابعة لموسكو في حميميم بريف اللاذقية وكذلك البحرية في طرطوس على المحك.
وتبحث روسيا عن مصالحها الاستراتيجية والتي تقتضي تقديم مرونة في عدد من الملفات على رأسها محاكمة عائلة الأسد واستعادة الأموال المنهوبة بواسطة هذه العائلة ومساعديها.
وفي وقت أبدت فيه الإدارة السورية الجديدة مرونة تاركة الباب مفتوحا أمام النقاشات مع موسكو، أكد الكرملين أن روسيا تريد سوريا مستقلة وأنها تحافظ على اتصالاتها معها.
في غضون ذلك، حذرت الاستخبارات الروسية مما وصفتها بمؤامرة أميركية بريطانية تهدف لدفع روسيا إلى الانسحاب من سوريا.
في هذا الصدد، قال الكاتب والباحث السياسي الروسي أندريه أونتيكوف في حديثه لقناة "سكاي نيوز عربية" إن هناك تفاؤلا حقيقيا بشأن وضع القوات الروسية في سوريا في ظل صدور تصريحات من القيادة السورية الجديدة عن علاقات مهمة مع موسكو.
وأضاف أونتيكوف أن "الإدارة السورية الجديدة لو أرادت سحب القوات الروسية لذكرت ذلك لكن ما يبدو هو أن هدف تلك الإدارة الحفاظ على التعاون بين الجانبين".
ولفت إلى أن "مسألة بقاء القاعدتين العسكريتين في سوريا هي مسألة نقاش متبادل لكن من المؤكد تقليص التواجد العسكري الروسي حيث كانت روسيا لديها شرطة عسكرية ومدرعات وغيرها على أن تسعى موسكو للإبقاء فقط على القاعدتين العسكريتين البحرية في طرطوس والجوية في حميميم".
وبين أن "السلطات السورية الجديدة مهتمة بمحاسبة المسؤولين من النظام السابق لكنها لم تقدم طلبا لتسليم بشار الأسد حيث تبدو مرتاحة لوجوده في روسيا".
وأشار إلى أنه "لا يمكن تصور أي دور سياسي للأسد في سوريا، لكن احتفاظ موسكو به يجعلها تعطي رسائل لحلفائها بأنها منفتحة على منحهم اللجوء الإنساني ويمكن التعويل عليها على المستوى الشخصي إذا ساءت الأمور في بلدان هؤلاء الحلفاء".
وفيما يتعلق بالدور التركي، قال أونتيكوف لـ"سكاي نيوز عربية" إن "تركيا لديها سيطرة في سوريا لكن هناك قوى أخرى مثل الولايات المتحدة التي تحتل المناطق الغنية بالفسفور وإسرائيل التي وسعت مناطق احتلالها في سوريا".
واعتبر أن "تركيا لا تريد طرد القوات الروسية بشكل كامل من سوريا لأن ذلك سيضع أنقرة أمام مواجهة مع الولايات المتحدة وإسرائيل وهما لديهما مشروع إنشاء دولة كردية مستقلة في سوريا الأمر الذي يهدد تركيا، وبالتالي هي تحتاج لاستمرار التواجد الروسي للحفاظ على موازين القوى".
"هل روسيا مستعدة لتسليم بشار الأسد؟"
من جهتها، قالت أستاذة العلاقات الدولية في الجامعة الوطنية بموسكو، أولغا كراسينياك، في حديثها لقناة "سكاي نيوز عربية"، إن "الحكومة السورية الجديدة لديها نفس المصالح والمخاوف مثل الحكومة السابقة".
وأضافت: "روسيا ترغب في المساعدة إذا كانت قادرة على ذلك، لكن روسيا تهتم في نهاية المطاف بمصالحها".
وتابعت: "بشار الأسد في موسكو حاليا، وروسيا تأخذ هذا الأمر في الاعتبار وتتفاوض دبلوماسيا مع الحكومة الجديدة.. روسيا لديها مصلحة جيوسياسية، وينبغي أن تهتم بهذا الأمر".
وجوابا على سؤال مفاده "هل روسيا مستعدة لتسليم بشار الأسد مقابل حماية مصالحها؟"، ذكرت كراسينياك: "لم أسمع أبدا عن هذا النوع من المفاوضات، لكن ربما تجري في القنوات المغلقة.. الأمر لا يتعلق ببشار الأسد ولا أعتقد أن اسمه يوجد على طاولة المفاوضات.. أعتقد أن موضوع بشار الأسد أصبح من الماضي".