مع استمرار الجهود الدولية والعربية لدعم الانتقال السياسي في سوريا، تزداد التحركات الدبلوماسية في المنطقة لتوحيد المواقف ودعم الاستقرار في مرحلة ما بعد نظام الأسد.
وفي الوقت الذي ترتب به القيادة السورية الجديدة "البيت الداخلي"، تواجه المنطقة مجموعة من التحديات الإقليمية والدولية التي تعقد المشهد السياسي في سوريا.
مواقف عربية ودعم خليجي
وقد شهدت المنطقة مؤخرا سلسلة من اللقاءات الدبلوماسية الرفيعة المستوى، أبرزها اجتماع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مع رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد، الذي أكد "موقف البلدين الثابت تجاه استقرار سوريا وسيادتها".
وحسب المتتبعين للشأن في المنطقة، فإن هذه التصريحات تعكس تحولا في النهج العربي نحو سوريا، لا سيما من دول الخليج التي بدأت تلعب دورا أكثر نشاطا في صياغة مستقبل البلاد.
وفي هذا الإطار، تستضيف الكويت اجتماعا لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، يتوقع أن يركز على دعم عملية انتقال سياسي شاملة.
ويرى الأكاديمي والباحث السياسي عايد المناع، أن القمة الخليجية "تولي اهتماما خاصا لضمان وحدة سوريا واستقلالها"، لكنه يحذر من سيناريوهات مشابهة لما حدث في ليبيا بعد سقوط نظام القذافي، حيث أدت الانقسامات الداخلية إلى فوضى عارمة في البلاد.
تحديات إقليمية ودولية
تشير التحليلات إلى أن هناك 3 تحديات رئيسية تعترض عملية الانتقال في سوريا، وذلك حسبما أوضحه الباحث في مركز الإمارات للسياسات محمد الزغول.
وأكد الزغول خلال حديثه لـ"سكاي نيوز عربية" أن هذه التحديات تتمثل في الحفاظ على وحدة الفصائل المسلحة، وتأمين الوحدة بين مكونات المجتمع السوري، وتحقيق إجماع إقليمي حول التغييرات المرتقبة.
ويصف الزغول المشهد الإقليمي بأنه "حذر ومشروط"، مشيرا إلى أن أي خلل في هذه المستويات قد يؤدي إلى تعقيد المشهد السوري وزيادة حالة الفوضى.
ويضيف أن إيران تبدو الخاسر الأكبر في التغيير الجاري في سوريا، لكنها قد تلجأ إلى تشكيل تحالف إقليمي لتعويض نفوذها.
واقع جديد
وتجد تركيا، التي كانت داعما رئيسيا للفصائل المعارضة في سوريا، نفسها اليوم أمام واقع جديد، وفقا للباحث محمد زاهد غل.
ويؤكد زاهد زغل أن أنقرة تسعى لتعزيز التنسيق مع دول الخليج لتحقيق مصالحها، مشيرا إلى أن تركيا "لم تعد تعمل بشكل منفرد"، بل أصبحت تعتمد على شراكاتها مع دول المنطقة.
من جهة أخرى، يوضح الباحث بمعهد الشرق الأوسط في واشنطن سمير التقي لـ"سكاي نيوز عربية"، أن تركيا تواجه تحديات داخلية قد تعرقل دورها في سوريا.
ويرى التقي أن "القضية الكردية في سوريا ليست مشكلة محلية فقط، بل إقليمية أيضا". مضيفا أن أي محاولات لفرض حلول عسكرية على الأكراد أو الفصائل الأخرى قد تزيد من تعقيد الأزمة.
المسار الصعب
وبينما يتزايد الحديث عن إعادة بناء الدولة السورية، يتساءل مراقبون عن إمكانية صياغة عقد اجتماعي جديد يضمن شمولية جميع المكونات السورية.
يشير التقي إلى أن "الحلول الخارجية قد تهدد التوافقات الوطنية"، داعيا إلى أن تكون العملية الانتقالية "سورية بامتياز"، لكن هذا المسار يواجه تحديات كبرى، من بينها غياب الثقة بين الأطراف الفاعلة داخليا وخارجيا.
من جانبه يشدد الباحث عايد المناع على ضرورة "وجود إرادة حقيقية لتصحيح الأوضاع واحترام جميع المكونات"، إلا أنه يحذر من التحديات العقائدية التي قد تعيق التحول الديمقراطي.
ويلفت الزغول إلى أن الاستقرار في سوريا سيعتمد على "التنسيق بين القوى الإقليمية الكبرى، خاصة تركيا ودول الخليج"، مع ضرورة إبقاء إيران خارج المعادلة، بينما يرى محمد زاهد على أن استقرار سوريا "ليس فقط مسؤولية السوريين، بل قضية تهم العالم العربي بأسره".